الفصل السابع: في فضل زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام والآداب التي ينبغي للزائر رعايتها في طريقه إلى زيارته عليه‌السلام في حرمه الطاهر وفي كيفية زيارته عليه‌السلام

المقصد الأول: في فضل زيارته عليه‌السلام

المقصد الثاني: فيما على الزائر مراعاته من الآداب في طريقه إلى الزيارة وفي ذلك الحرم الطاهر

الدعاء في حرم الحسين عليه‌السلام

الصلاة على الحسين عليه‌السلام

أعمال مشهد الحسين عليه‌السلام

وداع الحسين عليه‌السلام

المقصد الثالث: في كيفية زيارة سيد الشهداء عليه‌السلام والعباس قدّس الله روحه

في كيفية زيارة سيد الشهداء عليه‌السلام

المطلب الأول: في الزيارات المطلقة للحسين عليه‌السلام

الزيارة الأولى الحسين عليه‌السلام

الزيارة الثانية الحسين عليه‌السلام

الزيارة الثالثة الحسين عليه‌السلام

الزيارة الرابعة الحسين عليه‌السلام

الزيارة الخامسة الحسين عليه‌السلام

الزيارة السادسة الحسين عليه‌السلام

الزيارة السابعة وهي زيارة وارث

الدسّ في زيارة وارث

دعاء الحبّي المبتدع

الطعن على فاقدي الأهليّة المتدخّلين في كتب الاحاديث والادعية

المطلب الثاني: في زيارة العباس بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام

رثاء أمّ البنين «أمّ العبّاس عليه‌السلام»

المطلب الثالث: في زيارات الحُسَين عليه‌السلام المخصوصة

الأولى: زيارته عليه‌السلام في أوّل رجب، وفي النصف منه، والنصف من شعبان

الثانية: زيارة النصف من رجب

الثالثة: زيارة النصف من شعبان

الرابعة: زيارة ليالي القدر

الخامسة: زيارة في عيدَي الفطر والأضحى

السادسة: زيارة في يوم عرفة

السابعة: زيارة عاشوراء

الدعاء بعد زيارة عاشوراء

حديث صفوان في فضل زيارة عاشوراء

آثار المواظبة على زيارة عاشوراء

زيارة عاشوراء غير المشهورة

الثامنة: زيارة الاربعين

الاوقات الفاضلة لزيارة الحسين عليه‌السلام

فضل تربة الحُسَين عليه‌السلام وآدابها

المقصد الأول: في فضل زيارته عليه‌السلام

اعلم أنّ فضل زيارة الحسين عليه‌السلام ممّا لا يبلغه البيان، وفي روايات كثيرة أنّها تعدل الحجّ والعمرة والجهاد بل هي أفضل بدرجات، تورث المغفرة، وتخفيف الحساب، وارتفاع الدرجات، وإجابة الدعوات، وتورث طول العمر، والانحفاظ في النفس والمال، وزيادة الرزق، وقضاء الحوائج، ورفع الهموم والكربات، وتركها يوجب نقصاً في الدين، وهو ترك حقّ عظيم من حقوق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وأقل ما يؤجر به زائره هو أن يغفر ذنوبه، وأن يصون الله تعالىٰ نفسه وماله حتىٰ يرجع الىٰ اهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله له احفظ من الدنيا.

"وفي روايات كثيرة أن زيارته عليه‌السلام تزيل الغمّ، وتهوّن سكرات الموت، وتذهب بهول القبر، وأنّ ما يصرف في زيارته عليه‌السلام يكتب بكلّ درهم منه ألف درهم بل عشرة آلاف درهم، وأنّ الزائر إذا توجّه إلىٰ قبره عليه‌السلام استقبله أربعة آلاف ملَك، فإذا رجع منه شايعته،

وأنّ الأنبياء والأوصياء والأئمّة المعصومين والملائكة سلام الله عليهم أجمعين يزورون الحسين عليه‌السلام ويدعون لزوّاره ويبشّرونهم بالبشائر، وأنّ الله تعالىٰ ينظر الىٰ زوّار الحسين صلوات الله وسلامه عليه قبل نظره إلىٰ من حضر عرفات، وأنّه إذا كان يوم القيامة تمنّى الخلق كلّهم أن كانوا من زوّاره عليه‌السلام لما يصدر منه عليه‌السلام من الكرامة والفضل في ذلك اليوم."

"والأحاديث في ذلك لا تحصىٰ، وسنشير إلىٰ جملة منها عند ذكر زيارته الخاصّة، وحسبنا هنا رواية واحدة:

روىٰ بن قولويه والكليني والسيّد ابن طاووس وغيرهم بأسناد معتبرة عن الثقة الجليل معاوية بن وهب البجليِّ الكوفي، قال: دخلت على الصادق صلوات الله وسلامه عليه وهو في مصلّاه فجلست حتّىٰ قضىٰ صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه ويقول:"

يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَوَعَدَنَا الشَّفَاعَةَ، وَحَمَّلَنَا الرِّسَالَةَ، ،وَجَعَلَنَا وَرَثَةَ الأنْبِيَاءِ، وَخَتَمَ بِنَا الأُمَمَ السَّالِفَةَ، وَخَصَّنَا بِالوَصِيَّةِ، ،وَأَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَىٰ، وَ مَا بَقِيَ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً من النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا،،اغْفِرْ لِي وَلإِخْوانِي وَزُوَّارِ قَبْرِ أبِي الْحُسَيْن بْن عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا ،الَّذينَ أَنْفَقُوا أمْوَالَهُمْ وَأَشْخَصُوا أَبْدَانَهُمْ رَغْبَةً فِي بِرِّنَا،،وَسُرُوراً أدْخَلُوهُ عَلَىٰ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، ،وإجَابَةً مِنْهُمْ لِأَمْرِنَا، وَغَيظاً أَدْخَلُوهُ عَلَىٰ عَدُوِّنَا،،أرَادُوا بِذٰلِكَ رِضْوَانَكَ، فَكَافِهِمْ عَنَّا بِالرِّضْوانِ، ،وَاكْلَأْهُمْ بِاللَيْلِ وَالنَّهَارِ، ،وأَخْلِفْ عَلَىٰ أَهَالِيهِمْ وَأَوْلادِهِم الَّذِينَ خَلَّفُوا ِبأحْسَنِ الْخَلَفِ وَأَصْحِبْهُمْ واكْفِهِمْ،شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَكُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ أو شَديدٍ وَشَرَّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، ،وَأَعْطِهِمْ أَفْضَلَ مَا أَمَّلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أوْطَانِهِمْ وَمَا آثَرُونَا بهِ عَلَىٰ أبْنَائِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ وَقَرابَاتِهمْ. ،اللّٰهُمَّ إنَّ أعْداءَنَا عَابُوا عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُم فَلَم يَنْهَهُمْ ذٰلِكَ ،عَن النُّهُوضِ والشُّخُوصِ إلَيْنَا خِلافاً مِنْهُمْ عَلَیٰ مَا خَالَفَنَا،،فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي غَيَّرَتْها الشَّمْسُ،،وَارْحَمْ تِلْكَ الْخُدُودَ الَّتِي تَقَلَّبُ عَلَىٰ قَبْرِ أَبِي عَبْدِالله عليه‌السلام،،وَارْحَمْ تِلْكَ الأَعْيُنَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُها رَحْمَةً لَنَا، ،وَارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزَعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنَا، ،وَارْحَمْ تِلْكَ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا. ،اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ الْأَنْفُسَ وَتِلْكَ الأَبْدَانَ حَتَّىٰ تَرْوِيَهُمْ مِنَ الْحَوْضِ يَوْمَ الْعَطَشِ.،فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد، فلمّا انصرف قلت له: جعلت فداك، لو أنّ هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله عزّ وَجلَّ لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئاً أبداً. والله لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحجّ، فقال لي: ما أقربك منه، فما الذي يمنعك من زيارته؟ يا معاوية وَلِمَ تدع ذلك. قلت: جعلت فداك، فلم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا كلّه. فقال: يا معاوية، ومن يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض، لا تدعه لخوفٍ من أحد، فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّىٰ أنّ قبره كان بيده (أي تمنّىٰ أن يكون قد ظلّ عنده حتّىٰ دفن هناك)، أما تحبّ أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله وعلي وفاطمة والأئمّة المعصومون عليهم‌السلام؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن تصافحه الملائكة؟ أما تحب أن تكون غداً في من يأتي وليس عليه ذنب يتبع به؟ أما تحبّ أن تكون ممّن يصافح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعلم أنّ فضل زيارة الحسين عليه‌السلام ممّا لا يبلغه البيان، وفي روايات كثيرة أنّها تعدل الحجّ والعمرة والجهاد بل هي أفضل بدرجات، تورث المغفرة، وتخفيف الحساب، وارتفاع الدرجات، وإجابة الدعوات، وتورث طول العمر، والانحفاظ في النفس والمال، وزيادة الرزق، وقضاء الحوائج، ورفع الهموم والكربات، وتركها يوجب نقصاً في الدين، وهو ترك حقّ عظيم من حقوق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وأقل ما يؤجر به زائره هو أن يغفر ذنوبه، وأن يصون الله تعالىٰ نفسه وماله حتىٰ يرجع الىٰ اهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله له احفظ من الدنيا.وفي روايات كثيرة أن زيارته عليه‌السلام تزيل الغمّ، وتهوّن سكرات الموت، وتذهب بهول القبر، وأنّ ما يصرف في زيارته عليه‌السلام يكتب بكلّ درهم منه ألف درهم بل عشرة آلاف درهم، وأنّ الزائر إذا توجّه إلىٰ قبره عليه‌السلام استقبله أربعة آلاف ملَك، فإذا رجع منه شايعته،وأنّ الأنبياء والأوصياء والأئمّة المعصومين والملائكة سلام الله عليهم أجمعين يزورون الحسين عليه‌السلام ويدعون لزوّاره ويبشّرونهم بالبشائر، وأنّ الله تعالىٰ ينظر الىٰ زوّار الحسين صلوات الله وسلامه عليه قبل نظره إلىٰ من حضر عرفات، وأنّه إذا كان يوم القيامة تمنّى الخلق كلّهم أن كانوا من زوّاره عليه‌السلام لما يصدر منه عليه‌السلام من الكرامة والفضل في ذلك اليوم.والأحاديث في ذلك لا تحصىٰ، وسنشير إلىٰ جملة منها عند ذكر زيارته الخاصّة، وحسبنا هنا رواية واحدة:روىٰ بن قولويه والكليني والسيّد ابن طاووس وغيرهم بأسناد معتبرة عن الثقة الجليل معاوية بن وهب البجليِّ الكوفي، قال: دخلت على الصادق صلوات الله وسلامه عليه وهو في مصلّاه فجلست حتّىٰ قضىٰ صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه ويقول:يَا مَنْ خَصَّنَا بِالْكَرَامَةِ، وَوَعَدَنَا الشَّفَاعَةَ، وَحَمَّلَنَا الرِّسَالَةَ، ،وَجَعَلَنَا وَرَثَةَ الأنْبِيَاءِ، وَخَتَمَ بِنَا الأُمَمَ السَّالِفَةَ، وَخَصَّنَا بِالوَصِيَّةِ، ،وَأَعْطَانَا عِلْمَ مَا مَضَىٰ، وَ مَا بَقِيَ، وَجَعَلَ أَفْئِدَةً من النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا،،اغْفِرْ لِي وَلإِخْوانِي وَزُوَّارِ قَبْرِ أبِي الْحُسَيْن بْن عَلِيّ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا ،الَّذينَ أَنْفَقُوا أمْوَالَهُمْ وَأَشْخَصُوا أَبْدَانَهُمْ رَغْبَةً فِي بِرِّنَا،،وَسُرُوراً أدْخَلُوهُ عَلَىٰ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، ،وإجَابَةً مِنْهُمْ لِأَمْرِنَا، وَغَيظاً أَدْخَلُوهُ عَلَىٰ عَدُوِّنَا،،أرَادُوا بِذٰلِكَ رِضْوَانَكَ، فَكَافِهِمْ عَنَّا بِالرِّضْوانِ، ،وَاكْلَأْهُمْ بِاللَيْلِ وَالنَّهَارِ، ،وأَخْلِفْ عَلَىٰ أَهَالِيهِمْ وَأَوْلادِهِم الَّذِينَ خَلَّفُوا ِبأحْسَنِ الْخَلَفِ وَأَصْحِبْهُمْ واكْفِهِمْ،شَرَّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَكُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ أو شَديدٍ وَشَرَّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، ،وَأَعْطِهِمْ أَفْضَلَ مَا أَمَّلُوا مِنْكَ فِي غُرْبَتِهِمْ عَنْ أوْطَانِهِمْ وَمَا آثَرُونَا بهِ عَلَىٰ أبْنَائِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ وَقَرابَاتِهمْ. ،اللّٰهُمَّ إنَّ أعْداءَنَا عَابُوا عَلَيْهِمْ خُرُوجَهُم فَلَم يَنْهَهُمْ ذٰلِكَ ،عَن النُّهُوضِ والشُّخُوصِ إلَيْنَا خِلافاً مِنْهُمْ عَلَیٰ مَا خَالَفَنَا،،فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي غَيَّرَتْها الشَّمْسُ،،وَارْحَمْ تِلْكَ الْخُدُودَ الَّتِي تَقَلَّبُ عَلَىٰ قَبْرِ أَبِي عَبْدِالله عليه‌السلام،،وَارْحَمْ تِلْكَ الأَعْيُنَ الَّتِي جَرَتْ دُمُوعُها رَحْمَةً لَنَا، ،وَارْحَمْ تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتِي جَزَعَتْ وَاحْتَرَقَتْ لَنَا، ،وَارْحَمْ تِلْكَ الصَّرْخَةَ الَّتِي كَانَتْ لَنَا. ،اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ تِلْكَ الْأَنْفُسَ وَتِلْكَ الأَبْدَانَ حَتَّىٰ تَرْوِيَهُمْ مِنَ الْحَوْضِ يَوْمَ الْعَطَشِ.،فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد، فلمّا انصرف قلت له: جعلت فداك، لو أنّ هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله عزّ وَجلَّ لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئاً أبداً. والله لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحجّ، فقال لي: ما أقربك منه، فما الذي يمنعك من زيارته؟ يا معاوية وَلِمَ تدع ذلك. قلت: جعلت فداك، فلم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا كلّه. فقال: يا معاوية، ومن يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض، لا تدعه لخوفٍ من أحد، فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّىٰ أنّ قبره كان بيده (أي تمنّىٰ أن يكون قد ظلّ عنده حتّىٰ دفن هناك)، أما تحبّ أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله وعلي وفاطمة والأئمّة المعصومون عليهم‌السلام؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن تصافحه الملائكة؟ أما تحب أن تكون غداً في من يأتي وليس عليه ذنب يتبع به؟ أما تحبّ أن تكون ممّن يصافح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

المقصد الثاني: فيما على الزائر مراعاته من الآداب في طريقه إلى الزيارة وفي ذلك الحرم الطاهر

"الأوّل:

أن يصوم ثلاث أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث عَلَى ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه صفوان، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة.

وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: "

اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،"ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة""الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً .""الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً."أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار "الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،""فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.""الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، ""فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.""السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ "قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة والصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان."السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه. ""الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.""وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة ""التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.""العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:"السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. "الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: "سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،"الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.""والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر."وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.الأوّل: أن يصوم ثلاث أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث عَلَى ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه صفوان، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة.وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة.الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً.الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً.أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار.الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة و الصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان.السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه.الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر.وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.

الدعاء في حرم الحسين عليه‌السلام

"الثالث عشر:

اعلم أنّ أهمّ الأعمال في الروضة الطَّاهرة للحسين عليه‌السلام هو الدعاء، فإنّ إجابة الدعاء تحت قبّته السامية هي ممّا خوّله الله الحسينَ عليه‌السلام عوضاً عن الشهادة، فعَلى الزائر أن يغتنم ذلك ولا يتوانىٰ في التضرّع إلى الله والإنابة والتوبة وعرض الحوائج عليه. وقد وردت في خلال زياراته عليه‌السلام ادعية كثيرة ذات مضامين عالية لم يسمح لنا الاختصار بإيرادها هنا،"

والأفضل أن يدعو بدعوات الصحيفة الكاملة ما وسعه الدعاء فإنّها أفضل الأدعية. ونحن سنذكر دعاءً يدعىٰ به في جميع الروضات المقدّسة في أواخر هذا الباب بعد ذكر الزيارات الجامعة، واعلم أنا سنذكر في ملحقات هذا الكتاب دعاءً هو أجمع الدعوات يدعىٰ به في روضات الأئمّة عليهم‌السلام فلا تغفل عنه، واحترازاً عن خلوّ المقام نثبت هنا دعاءً وجيزاً ورد في خلال بعض الزيارات وهو انّه تقول في ذلك الحرم الشريف رافعاً يديك إلى السماء:

اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،"ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة""الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً .""الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً."أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار "الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،""فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.""الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، ""فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.""السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ "قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة والصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان."السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه. ""الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.""وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة ""التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.""العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:"السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. "الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: "سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،"الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.""والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر."وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.الأوّل: أن يصوم ثلاث أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث عَلَى ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه صفوان، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة.وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة.الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً.الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً.أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار.الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة و الصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان.السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه.الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر.وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.

الصلاة على الحسين عليه‌السلام

"الرابع عشر :

من أعمال حرم الحسين عليه‌السلام الصلاة عليه ، وروي أنّك تقف خلف القبر عند كتفه الشّريف وتصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى الحسين (صَلوات الله عَلَيهِ). وقد أورد السيد ابن طاووس في (مصباح الزائر) في خلال بعض الزيارات هذه الصلاة عليه :"

وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: "اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،"ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة""الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً .""الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً."أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار "الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،""فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.""الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، ""فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.""السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ "قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة والصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان."السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه. ""الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.""وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة ""التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.""العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:"السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. "الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: "سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،"الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.""والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر."وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.الأوّل: أن يصوم ثلاث أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث عَلَى ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه صفوان، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة.وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة.الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً.الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً.أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار.الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة و الصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان.السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه.الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر.وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.

أعمال مشهد الحسين عليه‌السلام

"الخامس عشر :

من أعمال الروضة المنورة دعاء المظلوم على الظالم ، أي ينبغي لمن بغى عليه باغٍ أن يدعو بهذا الدعاء في ذلك الحرم الشريف وهو ما أورده شيخ الطائفة (رض) في (مصباح المتهجد) في أعمال الجمعة ، قال : ويستحب أن يدعو بدعاء المظلوم عند قبر أبي عبد الله عليه‌السلام وهو :"

وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: "اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،"ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة""الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً .""الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً."أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار "الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،""فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.""الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، ""فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.""السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ "قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة والصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان."السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه. ""الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.""وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة ""التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.""العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:"السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. "الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: "سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،"الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.""والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر."وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.الأوّل: أن يصوم ثلاث أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث عَلَى ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه صفوان، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة.وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة.الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً.الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً.أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار.الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة و الصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان.السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه.الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر.وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.

وداع الحسين عليه‌السلام

"العشرون:

قال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: يستحبّ لِلمرءِ إذا فرغ من زيارته عليه‌السلام وأراد الخروج من الرّوضة المقدسة أن ينكبَّ عَلَى الضَّريح ويُقبِّله ويقُول:"

وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: "اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،"ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة""الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً .""الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً."أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار "الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،""فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.""الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، ""فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.""السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ "قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة والصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان."السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه. ""الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.""وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة ""التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.""العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:"السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. "الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: "سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،"الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.""والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر."وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.الأوّل: أن يصوم ثلاث أيّام متوالية قبل الخروج من بيته، ويغتسل في اليوم الثالث عَلَى ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه صفوان، وستأتي الرواية عند ذكر الزيارة السابعة.وقال الشيخ محمد بن المشهدي في مقدّمات زيارة العيدين: إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيّام واغتسل في اليوم الثالث واجمع أهلك إليك وولدلك وقل: اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَكُلَّ مَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلٍ، الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالْغائِبَ،اللّٰهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِكَ بِحِفْظِ الْإِيمَانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا،اللّٰهُمَّ اجْعَلْنا فِي حِرْزِكَ وَلَا تَسْلُبْنا نِعْمَتَكَ وَلَا تُغَيِّرْ مَا بِنا مِنْ نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ،واخرج من منزلك خاشعاً وأكثر من قول:لَاإِلٰهَ إِلّا اللّٰهُ وَ اللّٰهُ أَکْبَرُ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ،ومن تمجيد الله تعالىٰ والصلاة على النبيّ وآله، وامض وعليك السكينة والوقار. ورُويَ أنّ الله يخلق من عرق زوّار قَبر الحسين عليه‌السلام من كلّ عرقة سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين عليه‌السلام إلىٰ أن تقوم الساعة.الثاني: عن الصادق عليه‌السلام قال: إذا زرت أبا عبدالله عليه‌السلام فزُرْهُ وأنت حزين مكروب شعث مغبرّ جائع عطشان، فإنّ الحسين عليه‌السلام قُتِلَ حزيناً مكروباً شعثاً مغبرّاً جائعاً عطشاناً، واسأله الحوائج وانصرف عنه ولا تتّخِذْهُ وطناً.الثالث: أن لا يتّخذ الزاد في سفر زيارته عليه‌السلام ممّا لذّ وطاب من الغذاء كاللحم المشويّ والحلاوة، بل يتغذّیٰ بالخبز واللّبن. عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: بلغني أنّ قوماً إذا زاروا الحسين عليه‌السلام حملوا معهم السُّفُر فيها الجِداء والأخبصة وأشباهها، ولو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا معهم هذا. وقال عليه‌السلام للمفضّل بن عمر في حديث معتبر آخر: تزورون خير من أن لا تزوروا، ولا تزورون خير من أن تزوروا. قال: قلت: قطعت ظهري. قال: تالله إنّ أحدكم ليذهب إلىٰ قبر أبيه كئيباً حزيناً وتأتونه أنتم بالسفر! كلّا حتى تأتونه شعثاً غُبْراً.أقول: ما أجدر للأثرياء والتجّار أن يراعوا هذا الأمر في سفر زيارة الحسين صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دعاهم أخلَّاؤهم في المدن الواقعة عَلَى المسير إلى المآدب رفضوا الدعوة، فإذا عمدوا إلىٰ حقائبهم وسفرهم يملأونها بما طاب من مطبوخ الزاد كالدجاج المشويّ وغيره من الشواء أبوا ذلك وصدّوا عنه قائلين: إنّنا راحلون الىٰ كربلاء ولا يجدر بنا أن نتغذّىٰ بمثل ذلك.روى الكليني رحمه‌الله أنّه لمّا قُتل الحسين صلوات الله وسلامه عليه أقامت امرأته الكلبيّة عليه مأتماً وبكت وبكت النساء والخدم حتىٰ جفّت دموعهن فاُهدي إليها جؤناً لتستعين بها علی مأتم الحسين عليه‌السلام، فلمّا رأته سألت عنه، فقيل: هو هديّة أهداها فلان لتستعيني علیٰ مأتم الحسين عليه‌السلام، فقالت: لسنا في عرس فما نصنع بها؟ فأمرت بإخراجه من الدار.الرابع: ممّا ندب إليه في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام هو التواضع والتذلّل والتخاشع والمشي مشي العبد الذليل، فمن ركب من الزائرين المراكب الحديثة التي تجري مسرعة بقوّة البخار وأمثالها يجب عليه التحفّظ والاحتراز عن الكبر والخيلاء والتمالك عن التبختر عَلَىٰ سائر الزوّار من عباد الله الذين هم يقاسون الشدائد والصعاب في طريقهم إلىٰ كربلاء فلا ينظروا إليهم نظر التحقير والازدراء. روى العلماء في أصحاب الكهف أنّهم كانوا من خاّصة دقيانوس ووزرائه، فلمَّا وسعتهم رحمة الله تعالىٰ فاستقام فكرهم في معرفة الله عزوجل وفي إصلاح شأنهم استقرّوا عَلَىٰ الرَّهبنة، والانزواء عن الخلق، والإيواء إلىٰ كهف يعبدون الله تعالىٰ فيه فركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة،فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخا وكان هو أحدهم: يَا إِخْوَتاهُ، جاءَتْ مَسْكَنَةُ الآخِرَةِ، وَذَهَبَ مُلْكُ الدُّنْيا، انْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَامْشُوا عَلَىٰ أَرْجُلِكُمْ. (انزلوا عن الخيول وسيروا في سبيل الله عَلَى أرجلكم لعلّ الله تعالىٰ ينزّل عليكم عطفه ورحمته ويجعل لكم من أمركم مخرجاً) فنزل أولئك العظماء الأجلّاء عن خيولهم ومشوا عَلَىٰ أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم حتىٰ تقاطرت أرجلهم دماً. فعَلَىٰ زائر هذا القبر الشريف أن يراعي هذا الأمر، وليعلم أيضاً أنّ تواضعه في هذا الطريق لوجه الله تعالىٰ إنّما هو رفعة له واعتلاء. وقد رُوِىَ في آداب زيارته عليه‌السلام عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة الف حسنة، ومحا عنه ألف سيّئة، ورفع له ألف درجة. فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك وامش حافياً، وامش مشي العبد الذليل.الخامس: أن يجتهد ما وسعه الاجتهاد في إعانة الزائر الراجل إذا شاهده وقد تعب وأعيی عن المسير فيهتمّ بشأنه ويبلغه منزلاً يستريح فيه، وحذار من الاستخفاف به وعدم الاهتمام لشأنه.روى الكليني بسند معتبر عن أبي هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: قال لنفر عنده وأنا حاضر: ما لكم تستخفّون بنا؟ قال: فقام إليه رجل من خراسان فقال: معاذ لوجه لله أن نستخفّ بك أو بشيء من أمرك. فقال: بلی إنّك أحد من استخفّ بي، فقال: معاذ لوجه الله أنْ أستخفّ بك. فقال عليه‌السلام: ويحك أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الحجفة وهو يقول لك: احملني قدر ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً ولقد استخففت به، ومن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ وضيّع حرمة الله عزّ وجلّ.أقول: راجع الأدب التاسع من آداب الزيارة العامّة، فقد أوردنا هناك كلاماً يناسب المقام. ورواية عن عليّ بن يقطين، وهذا الأدب الّذي ذكرناه هنا لا يخصّ زيارة الحسين عليه السلام وإنّما أوردناه هنا في الآداب الخاصّة بزيارته عليه‌السلام لكثرة مصادفة موارده في هذه الزيارة خاصّة.السادس: عن الثقة الجليل مُحَمَّدِ بن مسلم، عن الإمام مُحَمَّدٍ الباقر عليه‌السلام قال: قلت له: إذا خرجنا إلىٰ أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلىٰ. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟قال: يلزمك حسن الصحبة لمن يصحبك، ويلزمك قلّة الكلام إلّا بخير، ويلزمك كثرة ذكر الله، ويلزمك نظافة الثياب، ويلزمك الغسل قبل أن تأتي الحائر، ويلزمك الخشوع وكثرة الصلاة و الصلاة عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآل مُحَمَّدٍ، ويلزمك التوقير لأخذ ما ليس لك، ويلزمك أن تغضّ بصرك من المحرّمات والمشتبهات، ويلزمك أن تعود عَلَىٰ أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة (أن تناصفه نفقتك)، ويلزمك التقيّة التي قوام دينك بها، والورع عمّا نهيت عنه، والخصومة، وكثرة الأَيمان والجدال الّذي فيه الأَيمان،فإذا فعلت ذلك تمّ حجُّكَ وعمرتك، واستوجبت من الذي طلبت ما عنده بنفقتك واغترابك عن أهلك ورغبتك فيما رغبت أن تنصرف بالمغفرة والرحمة والرضوان.السابع: في حديث أبي حمزة الثمالي عن الصادق صلوات الله عليه في زيارة الحسين عليه‌السلام أنّه قال: إذا بلغت نينوىٰ فحطّ رحلك هناك ولا تدّهن ولا تكتحل ولا تأكل اللحم ما اقمت فيه.الثامن: أن يغتسل بماء الفرات. فالروايات في فضله كثيرة، وفي رواية عن الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: من اغتسل بماء الفرات وزار قبر الحسين عليه‌السلام كان كيوم ولدته اُمّه صفراً من الذُّنوب ولو اقترفها كبائر.ورُوِيَ أنّه قيل له عليه‌السلام: ربّما أتينا قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيصعب علينا الغسل للزيارة من البرد أو غيره. فقال عليه‌السلام: من اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه‌السلام كتب له من الفضل ما لا يحصىٰ.وعن بشير الدّهّان، عن الصادق عليه‌السلام قال: من أتىٰ الحسين بن علي عليهما‌السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً ما إلَّا كتب الله له حجّة وعمرة.وفي بعض الروايات: ائت الفرات واغتسل بحيال قبره. وكما يستفاد من بعض الروايات يحسن إذا بلغ الفرات أن يقول مئة مرّة: اللهُ أَكْبَرُ، ومئة مرّة لَاٰ إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَيُصَلِّي عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ مئة مرّة التاسع: أن يدخل الحائر المقدّس من الباب الشرقي عَلَىٰ ما أمر الصادق صلوات الله وسلامه عليه يوسف الكناسي.العاشر: عن ابن قولويه، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال للمفضّل بن عمر: يا مفضّل، إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فقف بالباب وقل هذه الكلمات فإنّ لك بكلّ كلمة منها كفلاً من رحمة الله فقلت: ما هي جعلت فداك؟ قال: تقول:السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللّٰهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ مُوسىٰ كَلِيمِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ عِيسَىٰ رُوحِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّٰهِ،السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبارُّ التَّقِيُّ،السَّلامُ عَلَى الْأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ وَأَناخَتْ بِرَحْلِكَ، السَّلامُ عَلَىٰ مَلائِكَةِ اللّٰهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ،أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلاةَ، وَآتَيْتَ الزَّكاةَ، وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَعَبَدْتَ اللّٰهَ مُخْلِصاً حَتَّىٰ أَتَاكَ الْيَقِينُ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللّٰهِ وَبَرَكاتُهُ،ثم تسعی فلك بلكلّ قدم رفعتها كثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت علی القبر فالتمسه بيدك وقل: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ وَسَمائِهِ،ثم تمضي إلىٰ صلاتك ولك بكلّ ركعة ركعتها عنده كثواب من حجّ واعتمر ألف مرّة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف مرّة مع نبيّ مرسل، الخبر. الحادي عشر: روي عن ابي سعيد المدائني قال: دخلت علی أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: نعم يا أبا سعيد ائتِ قبر الحسين عليه‌السلام أطيب الطيّبين، وأطهر الطَّاهرين، وأبرّ الأبرار، وإذا زرته فسبّح عند رأسه بتسبيح أمير المؤمنين عليه‌السلام الف مرّة، وسبّح عند رجليه تسبيح فاطمة عليها‌السلام ألف مرّة، ثم صلّ عنده ركعتين تقرأ فيهما سورة يَس والرحمان، فإذا فعلت ذلك كتب الله لك ثواب ذلك إن شاء الله تعالی.قلت: جعلت فداك، علّمني تسبيح علي وفاطمة عليها‌السلام. قال: بلىٰ يا أبا سعيد، تسبيح عليّ عليه‌السلام: سُبْحانَ الَّذِي لَاتَنْفَدُ خَزَائِنُهُ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاتَبِيدُ مَعَالِمُهُ،سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَفْنىٰ مَا عِنْدَهُ سُبْحَانَ الَّذِي لَايُشْرِكُ أَحَداً فِي حُكْمِهِ،سُبْحانَ الَّذِي لَا اضْمِحْلالَ لِفَخْرِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاانْقِطاعَ لِمُدَّتِهِ ! سُبْحانَ الَّذِي لَاإِلٰهَ غَيْرُهُ،وَتسبيح فاطمة عليها‌السلام:سُبْحانَ ذِي الْجَلالِ الْبَاذِخِ الْعَظِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ الشَّامِخِ الْمُنِيفِ،سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ الْفَاخِرِ الْقَدِيمِ ! سُبْحَانَ ذِي الْبَهْجَةِ وَالْجَمَالِ،سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّىٰ بِالنُّورِ وَالْوَقارِ ! سُبْحانَ مَنْ يَرىٰ أَثَرَ النَّمْلِ فِي الصَّفَا وَوَقْعَ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ،الثاني عشر: أن تصلّي الفرائض والنوافل عند قبر الحسين عليه‌السلام، فإنّ الصلاة عنده مقبولة.وقال السيّد ابن طاووس رحمه‌الله: واجتهد أن لا تفوتك فريضة ولا نافلة بالحائر الشريف، فقد روي أن الفريضة فيه بحجّة والنافلة بعمرة.أقول: قد مضىٰ في حديث مفضّل فضل كثير للصلاة في الحائر الشريف.وفي رواية معتبرة عن الصادق عليه‌السلام قال: من صلّىٰ عنده ركعتين أو أربع ركعات كتبت له حجّة وعمرة.والّذي يبدو من الأخبار أنّ صلاة الزيارة أو غيرها من الصلوات يحسن أداؤها خلف القبر كما يحسن أن تؤدّیٰ ممّا يلي الرّأس الشريف، وليتأخّر المصلّي قليلاً إذا وقف ممّا يلي الرأس حتىٰ لا يكون محاذِياً للقبر الشريف. وورد في رواية أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: صلّ عند رأسه ركعتين، تقرأ في الأُولى الحمد ويسۤ، وفي الثانية الحمد والرحمن، وان شئت صلّيْت خلف القبر وعند رأسه أفضل، فإذا فرغت فصلّ ما أحببت إلّا أنّ الركعتين ركعتي الزيارة لابدّ منهما عند كلّ قبر.وروىٰ ابن قولويه، عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال لرجل: يا فلان، ما يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تأتي قبر الحسين صلوت الله عليه فتصلّي عنده أربع ركعات ثم تسأل حاجتك؟ فإنّ الصلاة الفريضة عنده تعدل الحجّ والصلاة النافلة تعدل العمرة.

المقصد الثالث: في كيفية زيارة سيد الشهداء عليه‌السلام والعباس قدّس الله روحه

في كيفية زيارة سيد الشهداء عليه‌السلام

"اعلم أنّ الزيارات المرويّة للحسين عليه‌السلام نوعان: فزيارات مطلقة غير مقيّدة بزمان مُعيّن، وزيارات مخصوصة تخصّ مواقيت خاصّة، وسَنذكر هذِهِ الزّيارات في ضِمْن مَطالِب ثلاثة:

المطلب الأوّل: في الزيارات المطلقة للحُسين عليه‌السلام.

المطلب الثاني: في زيارة العباس بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

المطلب الثالث: في زيارات الحسين عليه‌السلام المخصوصة."

اعلم أنّ الزيارات المرويّة للحسين عليه‌السلام نوعان: فزيارات مطلقة غير مقيّدة بزمان مُعيّن، وزيارات مخصوصة تخصّ مواقيت خاصّة، وسَنذكر هذِهِ الزّيارات في ضِمْن مَطالِب ثلاثة:

المطلب الأوّل: في الزيارات المطلقة للحُسين عليه‌السلام.

المطلب الثاني: في زيارة العباس بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

المطلب الثالث: في زيارات الحسين عليه‌السلام المخصوصة.

المطلب الأول: في الزيارات المطلقة للحسين عليه‌السلام

الزيارة الأولى الحسين عليه‌السلام

"الزيارة الاُولىٰ: روى الكليني في الكافي بسنده عن الحسين بن ثوير قال: كنت أنا وَيُونس بن ظبيان والمفضّل بن عمر وأبو سَلمة السَّراج جلُوساً عند ابي عبد الله عليه‌السلام، وكَانَ المتكلّم يونس وكان أكبرنا سِنّاً فقال له: جُعلت فداك، إنّي أحضر مجالس هؤلاء القوم يعني ولد العَبَّاس فما أقول؟

قال: إذا حضرتهم فذكرتنا فَقُل: "

الزيارة الثانية الحسين عليه‌السلام

الزيارة الثانية: روى الشيخ الكليني عن الإمام عَلِيِّ النّقي عليه‌السلام قال: تقُول عِند الحُسين عليه‌السلام:

الزيارة الثالثة الحسين عليه‌السلام

"الزيارة الثالثة: هِيَ ما رَواهَا ابن طاووس في المزار، وروىٰ لَها فضلاً كثيراً

قال: بحذف الإسناد، عن جابر الجعفي قال: قال الصّادق عليه‌السلام لجابر: كم بَينكم وَبين قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: قلت: بِأبي أنت وَاُمّي، يوم وبعض آخر. قال: فقال لي: أتزوره؟ قلت: نعم. قال: فقال: أفلا أفرحّك؟ ألا اُبشّرك بثوابهم؟

قال: قلت: بلىٰ، جعلت فداك. قال: إنّ الرجل منكم ليتهيأ لزيارته فيتباشر به أهل السماء، فإذا خرج مِنْ باب منزله راكباً أو ماشياً وَكَّل الله به ألف مَلكٍ مِنَ الملائِكة يصلُّون عَلَيْهِ حَتىٰ يوافي الحُسَينَ صلوات الله عليه،

قال: فإذا أتيت قبر الحسين عليه‌السلام قمت علی الباب وقلت هذه الكلمات فإنّ لَكَ بِكُلِّ كَلِمة كِفلاً مِنْ رَحْمَة الله. قال: قلت: وما هنّ، جُعلت فداك؟ قالَ: تقُولُ:"

الزيارة الرابعة الحسين عليه‌السلام

الزيارة الرابعة: عَنْ معاوية بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام: ما أقول إذا أتيت قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال: قُل:

الزيارة الخامسة الحسين عليه‌السلام

الزيارة الخامسة: بسند مُعتبر عَنِ الكاظِم عليه‌السلام أنّه قال لإبراهيم بن أبي البلاد: ماذا تقُول إذا زرت الحسين عليه‌السلام؟ فأجاب: أقولُ:

الزيارة السادسة الحسين عليه‌السلام

الزيارة السادسة: عَنْ عمَّار الساباطي، عَنِ الصَّادق عليه‌السلام قال: تقُول إذا أتيت إلىٰ قَبْرِه عليه‌السلام:

الزيارة السابعة وهي زيارة وارث

"الزيارة السابعة: روى الشيخ في المصباح عن صفوان الجمّال، قال: استأذنت الصادق عليه‌السلام لزيارة مولاي الحُسين عليه‌السلام وسألته أن يعرِّفني ما أعمل عليه،

فقال: يا صفوان صُمْ ثلاثة أيّام قبل خروجك واغتسل في اليوم الثَّالث، ثمّ اجمع إليك أهلك ثمّ قُلْ: #«اللّٰهُمَّ إِنِّی أَسْتَوْدِعُکَ...»# الدعاء، ثمّ علّمه دعاءً يدعو به إذا أتى الفرات،

ثمّ قال: ثمّ اغتسل من الفرات فإنّ أبي حدّثني، عن آبائه عليهم‌السلام قال: قال رسُول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم: إنّ ابْنِي هذا (الحسين عليه‌السلام) يُقتل بعدي عَلَىٰ شاطئِ الفرات، فمَن زاره واغتسل من الفرات تساقطت خطاياه كهيئة يوم ولدته اُمُّهُ، فإذا اغتسلت فقل في غُسلك:"

الدسّ في زيارة وارث

"أقول: تعرف هذه الزِّيارة باسم زيارة وارث وهي مأخوذة عن كتاب مصباح المتهجّد للطوسي، وهُو من أرقى الكتب المعتبرة المشهورة في الأوساط العلميّة، وقد اقتطفت هذه الزيّارة نصّاً عن ذلك المأخذ الشريف من دُون واسطة أتّكل عليها فكانت كلمة الختام لزيارة الشهداء هي: #فَيَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ مَعَكُمْ.#

فالزّيادة الّتي ذيلت بها هذه الزّيارة وهي:# فِي الْجِنانِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً، السَّلامُ عَلَىٰ مَنْ كانَ فِي الْحائِرِ مِنْكُمْ وَعَلَىٰ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحائِرِ مَعَكُمْ،# الخ، إنّما هي خروج عن المأثور ودسّ في الحديث."

قال شيخنا في كتابه الفارسي لؤلؤ ومرجان: إنّ هذه الكلمات التي ذيّلت بها هذه الرواية إنّما هي بدعة في الدّين وتجاسر عَلَى الإمام عليه‌السلام بالزّيادة فيما صدر منه، وفوق ذلك فهي تحتوي علىٰ أباطيل وأكاذيب بيّنة الكذب، والغريب المدهش أنّها تنبثّ بين الناس وتذاع حتىٰ تهتف بها في كلّ يوم وليلة عدّة آلاف مرّة في مرقد الحسين عليه‌السلام وبمحضر من الملائكة المقرّبين وفي مطاف الأنبياء والمرسلين عليه‌السلام ولا منكر ينكرها أو رادع يردع عن الكذب والعصيان، فآل الأمر إلىٰ ان تدوّن هذه الأباطيل وتطبع في مجاميع من الأدعية والزيارات يجمعها الحَمْقىٰ من عوامّ الناس فتزعمها كتاباً فتجعل لها اسماً من الأسماء، ثم تتلاقفها المجاميع فتسري من مجموعة حمقیٰ الىٰ مجموعة حمقیٰ أخریٰ، وتتفاقم المشكلة فيلتبس الأمر عَلَىٰ بعض طلبة العلم والدّين،

وإنّي صادفت طالباً من طلبة العلم والدين وهو يزور الشهداء بتلك الأباطيل القبيحة، فمسست كتفه فالتفت إليّ فخاطبته قائلاً: ألا يشنع من الطالب ان ينطق بمثل هذه الأباطيل في مثل هذا المحضر المقدّس؟ قال: أليست هي مرويّة عن الإمام عليه‌السلام؟ فتعجّبت لسؤاله وأجبته بالنفي. قال: فإنّي قد وجدتها مدوّنة في بعض الكتب، فسألته عن الكتاب فأجاب كتاب مفتاح الجنان. فسكتّ عَنْهُ فإنّه لا يليق أن يكالم المرء رجلاً أدّت به الغفلة والجهل إلىٰ أن يعدّ المجموعة التي جمعها بعض العوام من الناس كتاباً من الكتب ويستند إليه مصدراً لما يقول،

ثم بسط الشيخ رحمه‌الله كلامه في هذا المقام وقال: إنّ عدم ردع العوامّ عن نظائر هذه الاُمور غير الهامّة والبدع الصغيرة كغسل اُويس القرني وأبي الدرداء وهو التابع المخلص لمعاوية، وصوم الصّمت بأن يتمالك المرء عن التكلّم بشيءٍ في اليوم كلّه، وغير ذلك من البدع التي لم يردع عنه رادع ولم ينكره منكر قد أورثت الجرأة والتّطاول، ففي كلّ شهر من الشهور وفي كلّ سنة من السنين يظهر للنّاس نبيّ أو إمام جديد فترى الناس يخرجون من دين الله أفواجاً. انتهىٰ.

أقول: تعرف هذه الزِّيارة باسم زيارة وارث وهي مأخوذة عن كتاب مصباح المتهجّد للطوسي، وهُو من أرقى الكتب المعتبرة المشهورة في الأوساط العلميّة، وقد اقتطفت هذه الزيّارة نصّاً عن ذلك المأخذ الشريف من دُون واسطة أتّكل عليها فكانت كلمة الختام لزيارة الشهداء هي: فَيَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَكُمْ فَأَفُوزَ مَعَكُمْ.

فالزّيادة الّتي ذيلت بها هذه الزّيارة وهي: فِي الْجِنانِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً، السَّلامُ عَلَىٰ مَنْ كانَ فِي الْحائِرِ مِنْكُمْ وَعَلَىٰ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحائِرِ مَعَكُمْ، الخ، إنّما هي خروج عن المأثور ودسّ في الحديث.

قال شيخنا في كتابه الفارسي لؤلؤ ومرجان: إنّ هذه الكلمات التي ذيّلت بها هذه الرواية إنّما هي بدعة في الدّين وتجاسر عَلَى الإمام عليه‌السلام بالزّيادة فيما صدر منه، وفوق ذلك فهي تحتوي علىٰ أباطيل وأكاذيب بيّنة الكذب، والغريب المدهش أنّها تنبثّ بين الناس وتذاع حتىٰ تهتف بها في كلّ يوم وليلة عدّة آلاف مرّة في مرقد الحسين عليه‌السلام وبمحضر من الملائكة المقرّبين وفي مطاف الأنبياء والمرسلين عليه‌السلام ولا منكر ينكرها أو رادع يردع عن الكذب والعصيان، فآل الأمر إلىٰ ان تدوّن هذه الأباطيل وتطبع في مجاميع من الأدعية والزيارات يجمعها الحَمْقىٰ من عوامّ الناس فتزعمها كتاباً فتجعل لها اسماً من الأسماء، ثم تتلاقفها المجاميع فتسري من مجموعة حمقیٰ الىٰ مجموعة حمقیٰ أخریٰ، وتتفاقم المشكلة فيلتبس الأمر عَلَىٰ بعض طلبة العلم والدّين،

وإنّي صادفت طالباً من طلبة العلم والدين وهو يزور الشهداء بتلك الأباطيل القبيحة، فمسست كتفه فالتفت إليّ فخاطبته قائلاً: ألا يشنع من الطالب ان ينطق بمثل هذه الأباطيل في مثل هذا المحضر المقدّس؟ قال: أليست هي مرويّة عن الإمام عليه‌السلام؟ فتعجّبت لسؤاله وأجبته بالنفي. قال: فإنّي قد وجدتها مدوّنة في بعض الكتب، فسألته عن الكتاب فأجاب كتاب مفتاح الجنان. فسكتّ عَنْهُ فإنّه لا يليق أن يكالم المرء رجلاً أدّت به الغفلة والجهل إلىٰ أن يعدّ المجموعة التي جمعها بعض العوام من الناس كتاباً من الكتب ويستند إليه مصدراً لما يقول،

ثم بسط الشيخ رحمه‌الله كلامه في هذا المقام وقال: إنّ عدم ردع العوامّ عن نظائر هذه الاُمور غير الهامّة والبدع الصغيرة كغسل اُويس القرني وأبي الدرداء وهو التابع المخلص لمعاوية، وصوم الصّمت بأن يتمالك المرء عن التكلّم بشيءٍ في اليوم كلّه، وغير ذلك من البدع التي لم يردع عنه رادع ولم ينكره منكر قد أورثت الجرأة والتّطاول، ففي كلّ شهر من الشهور وفي كلّ سنة من السنين يظهر للنّاس نبيّ أو إمام جديد فترى الناس يخرجون من دين الله أفواجاً. انتهىٰ.

دعاء الحبّي المبتدع

وأقول: أنا الفقير: لاحظ هذا القول وأنعم النظر فيه أنّه القول الصّادر عن عالم جليل واقف علىٰ ذوق الشريعة المقدّسة واتّجاهاتها في سننها وأحكامها وهو يبدي بوضوح مبلغ اهتمام هذا العالم الجليل بالأمر، ويكشف عمّا يكظمه في الفؤاد من الكآبة والهمّ، فهو يعرف مساوئه وتبعاته عَلَى النّقيض من المحرومين عن علوم أهل البيت عليهم‌السلام المقتصرين عَلَى العلم بضغث من المصطلحات والألفاظ فهم لا يعبأون بذلك ولا يبالون،

بل تراهم بالعكس يصحِّحونه ويصوِّبونه ويجرون عليه في الأعمال فيستفحل الخَطْب ويعاف كتاب مصباح المتهجّد والإقبال ومهج الدعوات وجمال الاُسبوع ومصباح الزائر والبلد الأمين والجنّة الواقية ومفتاح الفلاح والمقباس وربيع الأسابيع والتحفة وزاد المعاد ونظائرها فيستخلفها هذه المجاميع السخيفة فيدسّ فيها في دعاء المجير وهو دعاء من الأدعية المأثورة المعتبرة الكلمة بعفوك في سبعين موضعاً فلم ينكرها منكر، ودعاء الجوشن الكبير الحاوي عَلَىٰ مئة فصل يبدع لكلّ فصل من فصوله أثراً من الآثار، ومع ما بلغتنا من الدعوات المأثورة ذات المضامين السامية والكلمات الفصيحة البليغة يصاغ دعاء سخيف غاية السخف فيسمّىٰ بدعاء الحُبّي فينزّل من شرفات العرش فيفتري له من الفضل ما يدهش المرء ويبهته

من ذلك، والعياذ بالله، أن جبرئيل بلَّغ النبي مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الله تعالىٰ يقول: إنّي لا اُعذّب عبداً يجعل معه هذا الدعاء وإن استوجب النار وأنفق العمر كلّه في المعاصي ولم يسجد لي فيه سجدة واحدة، إنّني أمنحه أجر سبعين ألف نبيّ، وأجر سبعين ألف زاهد، وأجر سبعين ألف شهيد، وأجر سبعين ألف من المصلّين، وأجر من كسا سبعين ألف عريان، وأجر من أشبع سبعين ألف جائع، ووهبته من الحسنات عدد حصى الصحاري، وأعطيته أجر سبعين ألف بقعة من الأرض، وأجر خاتم النبوّة لنبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وأجر عيسىٰ روح الله، وإبراهيم خليل الله، وأجر إسماعيل ذبيح الله، وموسىٰ كليم الله، ويعقوب نبيّ الله، وآدم صفيّ الله، وجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل والملائكة. يا مُحَمَّد، من دعا بهذا الدعاء العظيم (دعاء الحبّي) أو جعله معه غفرت له واستحييت أن اُعذِّبه، الخ. وجدير بالمرء أن يستبدل الضحك عَلَى هذه المفتريات الغريبة بالبكاء عَلَىٰ كتب الشيعة ومؤلّفاتهم،

وأقول: أنا الفقير: لاحظ هذا القول وأنعم النظر فيه أنّه القول الصّادر عن عالم جليل واقف علىٰ ذوق الشريعة المقدّسة واتّجاهاتها في سننها وأحكامها وهو يبدي بوضوح مبلغ اهتمام هذا العالم الجليل بالأمر، ويكشف عمّا يكظمه في الفؤاد من الكآبة والهمّ، فهو يعرف مساوئه وتبعاته عَلَى النّقيض من المحرومين عن علوم أهل البيت عليهم‌السلام المقتصرين عَلَى العلم بضغث من المصطلحات والألفاظ فهم لا يعبأون بذلك ولا يبالون،

بل تراهم بالعكس يصحِّحونه ويصوِّبونه ويجرون عليه في الأعمال فيستفحل الخَطْب ويعاف كتاب مصباح المتهجّد والإقبال ومهج الدعوات وجمال الاُسبوع ومصباح الزائر والبلد الأمين والجنّة الواقية ومفتاح الفلاح والمقباس وربيع الأسابيع والتحفة وزاد المعاد ونظائرها فيستخلفها هذه المجاميع السخيفة فيدسّ فيها في دعاء المجير وهو دعاء من الأدعية المأثورة المعتبرة الكلمة بعفوك في سبعين موضعاً فلم ينكرها منكر، ودعاء الجوشن الكبير الحاوي عَلَىٰ مئة فصل يبدع لكلّ فصل من فصوله أثراً من الآثار، ومع ما بلغتنا من الدعوات المأثورة ذات المضامين السامية والكلمات الفصيحة البليغة يصاغ دعاء سخيف غاية السخف فيسمّىٰ بدعاء الحُبّي فينزّل من شرفات العرش فيفتري له من الفضل ما يدهش المرء ويبهته

من ذلك، والعياذ بالله، أن جبرئيل بلَّغ النبي مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الله تعالىٰ يقول: إنّي لا اُعذّب عبداً يجعل معه هذا الدعاء وإن استوجب النار وأنفق العمر كلّه في المعاصي ولم يسجد لي فيه سجدة واحدة، إنّني أمنحه أجر سبعين ألف نبيّ، وأجر سبعين ألف زاهد، وأجر سبعين ألف شهيد، وأجر سبعين ألف من المصلّين، وأجر من كسا سبعين ألف عريان، وأجر من أشبع سبعين ألف جائع، ووهبته من الحسنات عدد حصى الصحاري، وأعطيته أجر سبعين ألف بقعة من الأرض، وأجر خاتم النبوّة لنبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وأجر عيسىٰ روح الله، وإبراهيم خليل الله، وأجر إسماعيل ذبيح الله، وموسىٰ كليم الله، ويعقوب نبيّ الله، وآدم صفيّ الله، وجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل والملائكة. يا مُحَمَّد، من دعا بهذا الدعاء العظيم (دعاء الحبّي) أو جعله معه غفرت له واستحييت أن اُعذِّبه، الخ. وجدير بالمرء أن يستبدل الضحك عَلَى هذه المفتريات الغريبة بالبكاء عَلَىٰ كتب الشيعة ومؤلّفاتهم،

الطعن على فاقدي الأهليّة المتدخّلين في كتب الاحاديث والادعية

الكتب القيّمة التي بلغت الرتبة السامية ضبطاً وصحّة وإتقاناً فكانت لا يستنسخها في الغالب إلّا رجال من أهل العلم والدين فيقابلونها بنسخ نسختها أيدي أهل العلم وصحّحها العلماء، وكانوا يلمحون في الهامش الىٰ ما عساه يوجد من الاختلاف بين النسخ. ومن نماذج ذلك أنّا نرىٰ في دعاء مكارم الأخلاق كلمة: وبلّغ بإيماني، فيرد في الهامش أنّ في نسخة ابن أشناس: وأبلغ بإيماني، وفي رواية ابن شاذان: اللّهمّ أبلغ إيماني.وقد نرىٰ الإشارة الىٰ أنّ الكلمة وجدت بخطّ ابن سكون هكذا، وبخطّ الشهيد هكذا، فهذه هي المرتبة الرفيعة التي نالتها كتب الشيعة ضبطاً وإتقاناً، وهذا مبلغ ما بذلوه من الجهد في مداقّتها وتصحيحها،

والان نجدها قد عفيت وتركت فاستخلفها كتاب مفتاح الجنان الذي وقفت عَلَىٰ نزر من صفته فيكون هو الكتاب الوحيد الذي تتداوله الأيدي ويرجع اليه العوامّ والخواصّ والعرب والعجم، وما ذلك إلّا لأنّ أهل العلم والدين لا يبالون بالأحاديث والروايات ولا يراجعون كتب علماء أهل البيت الطّاهرين وفقهائهم، ولا ينكرون علىٰ أشباه هذه البدع والزوائد وعَلَىٰ دسّ الدسّاسين والوضّاعين وتحريف الجاهلين ولا يصدّون من لا يرونه أهلاً ولا يردعون الحمقىٰ فيبلغ الأمر حيث تلفَّق الأدعية بما تقتضيه الأذواق أو يصاغ زيارات ومفجعات وصلوات ويطبع مجاميع عديدة من الأدعية المدسوسة، وينتج أفراخ لكتاب المفتاح، وتعمّ المشكلة فيروج الدسّ والتحريف ونراهما يسيران من كتب الأدعية الىٰ سائر الكتب والمؤلفات،

فتجد مثلاً الكتاب الفارسي المسمّىٰ منتهى الآمال المطبوع حديثاً قد عبث فيه الكاتب بما يلائم ذوقه وفكره، ومن نماذج ذلك أنّ الكاتب دسّ كلمة الحمد لله، في أربعة مواضع خلال سطرين من الكتاب فقد كتب في حال مالك بن يسر اللعين أنّه قد شُلت يداه بدعاء الحسين عليه‌السلام الحمد لله، فكانتا في الصيف كخشبتين يابستين الحمد لله، وفي الشتاء يتقاطر منهما الدم الحمد لله،

فكان عاقبة أمره خُسراً الحمد لله، ودسّ أيضاً في بعض المواضع كلمة السيّدة [خانم] عقيب اسم زينب واُمّ كلثوم تجليلاً لهما واحتراماً، وكان الكاتب معادياً لحميد بن قحطبة فحرَّف اسمه الىٰ حميد بن قحبة، ثم احتاط‍ احتياطاً فأشار في الهامش الىٰ أنّ في بعض النّسخ حميد بن قحطبة، واستصوب أن يكتب الاسم عبدالله عوض عبد ربّه، والاسم زحر بن القيس وهو بالحاء المهملة التزم أن يسجّله بالجيم أينما وجده، وخطأ كلمة أُمّ سلمة فسجّلها أُمّ السّلمة ما وسعه ذلك.

والغاية التي توخّيتها بعرض هذه النماذج من التحريف هي بيان أمرين: أوّلاً: فلاحظ هذا الكاتب أنّه لم يجرِ ما أجراه من الدّسّ والتحريف إلّا وهو يزعم بفكره وذوقه أنّ في الكتاب نقصاً يجب أن يزال، وليس النّقص والوهن إلّا ما يجريه من التحريف، فلنقس عَلَىٰ ذلك الزيادات التي يبعثنا الجهل عَلَىٰ إضافتها إلى الأدعية والزيارات والتغييرات والتصرّفات التي تقتضيها طباعنا وأذواقنا النّاقصة زعماً أنّها تزيد الأدعية والزيارات كمالاً وبهاءً وهي تنتزع منها الكمال والبهاء، وتسلبها الاعتبار عند أهلها العارفين، فالجدير أن نتحافظ عَلَىٰ نصوصها المأثورة فنجزي عليها لا نزيد فيها شيئاً ولا نحرّف منها حرفاً،

"ولنلاحظ ثانياً الكتاب الذي تكلّمنا عنه أنّه كتاب لمؤلِّف حيّ يراقب كتابه ويترصّد له فيجري فيه من التّحريف والتّشويه نظائر ما ذكرت، فكيف القياس في سائر الكتب والمؤلّفات؟ وكيف يجوز الاعتماد عَلَى الكتب المطبوعة إلّا إذا كانت من المؤلّفات المشهورة للعلماء المعروفين وعُرِضَتْ علىٰ علماء الفنّ فصدّقوها وأمضوها.

وقد روي في ترجمة الثقة الجليل الفقيه المقدّم في أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام يونس بن عبدالرحمان أنّه كان قد عمل كتاباً في أعمال اليوم والليلة فعرضه أبو هاشم الجعفري عَلَى الإمام العسكري عليه‌السلام فتصّفحه عليه‌السلام كلّه، ثم قال: هذا ديني ودين آبائي كلّه وهو الحقّ كلّه. "

"فهذا أبو هاشم الجعفري أراد الجري عَلَى كتاب يونس فلم يعتمد عَلَىٰ سعة علم يونس وفقاهته وجلاله والتزامه بدينه حتّىٰ عرض الكتاب على الإمام عليه‌السلام واستعلم رأيه فيه.

ورُوِيَ أيضاً عن بورق الشنجاني الهروي وكان معروفاً بالصدق والصلاح والورع أنّه وافىٰ الإمام العسكري عليه‌السلام في سامّراء وعرض عليه كتاب اليوم والليلة الّذي ألّفه الشيخ الجليل فضل بن شاذان وقال: جعلت فداك، أردت أن تطالع هذا الكتاب وتتصفّحه، قال عليه‌السلام: هذا صحيح ينبغي أن تعمل به. إلىٰ غير ذلك من الروايات في هذا الباب،"

وإنّي قد قدمت عَلَىٰ تأليف هذا الكتاب وإنّي واقف علىٰ طباع الناس في هذا العصر وعدم اهتمامهم لنظائر هذه الاُمور، وإنّما أّلفته إتماماً للحجّة عليهم فجدّدت واجتهدت في أخذ الأدعية والزيارات الواردة في هذا الكتاب عن مصادرها الأصيلة وعرضها عَلَىٰ نسخ عديدة، كما بذلت أقصى الجهد في تصحيحها واستخلاصها من الأخطاء كي يثق به العامل ويسكن إليه إن شاء الله، ولكن الشرط هو أن لا يحرّفه الكاتب والمستنسخ وأن يتخلّىٰ القارئ عمّا يقتضيه طبعه وذوقه من التغيير.

وروى الكليني رضي‌الله‌عنه عن عبدالرحمان القصير، قال: دخلت على الصادق صلوات الله وسلامه عليه فقلت: جعلت فداك، إنّي اخترعت دعاءً. قال: دعني من اختراعك. فأعرض عليه‌السلام عن اختراعه. ولم يسمح أن يعرض عليه. ثم أنعم عليه بتعليمه عملاً ينبغي أن يؤدّيه.

وروى الصدوق عطّر الله مرقده، عن عبدالله بن سنان قال: قال الصادق عليه‌السلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يُرىٰ، ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق. قلت: وكيف دعاء الغريق؟ قال: تقول:

المطلب الثاني: في زيارة العباس بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام

"روى الشيخ الأجلّ جعفر بن قولويه القمّي بسند معتبر عن أبي حمزة الثمالي، عن الصادق عليه‌السلام قال:

إذا أردت زيارة قبر العبّاس بن عَليّ عليه‌السلام وهو عَلَىٰ شطّ الفرات بحذاءِ الحائر فقف عَلَىٰ باب السقيفة (الروضة) وقل:"

رثاء أمّ البنين «أمّ العبّاس عليه‌السلام»

وروي أنّ العبّاس عليه‌السلام استشهد وله من العمر أربع وثلاثون سنة، وأنّ أُمَّه أُمَّ البنين كانت تخرج لرثاء العبّاس عليه‌السلام وإخوته إلى البقيع فتَبكي وتندب، فتُبْكي كلّ من يمرّ بها، ولا يستغرب البكاء من الموالي فقد كانت أُمّ البنين تُبْكي مروان بن الحكم إذا مرّ بها وشاهد شجوها، وهو أكبر المعادين لآل بيت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ومن قول اُمّ البنين في رثاء أبي الفضل العبّاس وسائر أبنائها:

يَا مَنْ رَأَى الْعَبَّاسَ كَرَّ عَلَى جَمَاهِيرِ النَّقَدِ***وَ وَرَاهُ مِنْ أَبْنَاءِ حَيْدَرَ كُلُّ لَيْثٍ ذِي لَبَدٍ

أُنْبِئْتُ أَنَّ ابْنِي أُصِيبَ بِرَأْسِهِ مَقْطُوعَ يَدٍ***وَيْلِي عَلَى شِبْلِي أَمَالَ بِرَأْسِهِ ضَرْبُ الْعَمَدِ

لَوْ كَانَ سَيْفُكَ فِي يَدِيْكَ َمَا دَنَا مِنْهُ أَحَدٌ

وَلها أيضاً:

لا تَدْعُوِنِّي وَيْكِ أُمَّ الْبَنِينَ***تذَكِّرِينِي بِلِيُوثِ الْعَرِينِ

كَانَتْ بَنُونَ لِي أُدْعَى بِهِمْ***وَ الْيَوْمَ أَصْبَحْتُ وَ لا مِنْ بَنِينَ

أَرْبَعَةٌ مِثْلُ نُسُورِ الرُّبَى***قَدْ وَاصَلُوا الْمَوْتَ بِقَطْعِ الْوَتِينِ

تَنَازَعَ الْخِرْصَانُ أَشْلاءَهُمْ***فَكُلُّهُمْ أَمْسَى صَرِيعاً طَعِينَ

يَا لَيْتَ شِعْرِي أَكَمَا أَخْبَرُوا***بِأَنَّ عَبَّاسا قَطِيعُ الْيَمِينِ

وروي أنّ العبّاس عليه‌السلام استشهد وله من العمر أربع وثلاثون سنة، وأنّ أُمَّه أُمَّ البنين كانت تخرج لرثاء العبّاس عليه‌السلام وإخوته إلى البقيع فتَبكي وتندب، فتُبْكي كلّ من يمرّ بها، ولا يستغرب البكاء من الموالي فقد كانت أُمّ البنين تُبْكي مروان بن الحكم إذا مرّ بها وشاهد شجوها، وهو أكبر المعادين لآل بيت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ومن قول اُمّ البنين في رثاء أبي الفضل العبّاس وسائر أبنائها:

يَا مَنْ رَأَى الْعَبَّاسَ كَرَّ عَلَى جَمَاهِيرِ النَّقَدِ***وَ وَرَاهُ مِنْ أَبْنَاءِ حَيْدَرَ كُلُّ لَيْثٍ ذِي لَبَدٍ

أُنْبِئْتُ أَنَّ ابْنِي أُصِيبَ بِرَأْسِهِ مَقْطُوعَ يَدٍ***وَيْلِي عَلَى شِبْلِي أَمَالَ بِرَأْسِهِ ضَرْبُ الْعَمَدِ

لَوْ كَانَ سَيْفُكَ فِي يَدِيْكَ َمَا دَنَا مِنْهُ أَحَدٌ

وَلها أيضاً:

لا تَدْعُوِنِّي وَيْكِ أُمَّ الْبَنِينَ***تذَكِّرِينِي بِلِيُوثِ الْعَرِينِ

كَانَتْ بَنُونَ لِي أُدْعَى بِهِمْ***وَ الْيَوْمَ أَصْبَحْتُ وَ لا مِنْ بَنِينَ

أَرْبَعَةٌ مِثْلُ نُسُورِ الرُّبَى***قَدْ وَاصَلُوا الْمَوْتَ بِقَطْعِ الْوَتِينِ

تَنَازَعَ الْخِرْصَانُ أَشْلاءَهُمْ***فَكُلُّهُمْ أَمْسَى صَرِيعاً طَعِينَ

يَا لَيْتَ شِعْرِي أَكَمَا أَخْبَرُوا***بِأَنَّ عَبَّاسا قَطِيعُ الْيَمِينِ

المطلب الثالث: في زيارات الحُسَين عليه‌السلام المخصوصة

في زيارات الحُسَين عليه‌السلام المخصوصة و هي عديدة:

الأولى: زيارته عليه‌السلام في أوّل رجب، وفي النصف منه، والنصف من شعبان

"الاُولىٰ: ما يزار بها عليه‌السلام في أوّل رجب وفي النصف منه ومن شعبان؛

عن الصادق عليه‌السلام قال: من زار الحسين بن عليّ عليهما‌السلام في أوّل يوم من رجب غفر الله له البتّة. وعن ابن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه‌السلام: أيّ الأوقات أفضل أن نزور فيها الحسين عليه‌السلام؟ قال: في النصف من رجب، والنصف من شعبان.

وهذه الزيارة التي سنذكرها هي عَلَىٰ رأي الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس تخصّ اليوم الأوّل من رجب وليلة النصف من شعبان. ولكن الشهيد أضاف إليها أوّل ليلة من رجب وليلة النصف منه ونهاره ويوم النصف من شعبان. فعَلَىٰ رأيه الشريف يزار عليه‌السلام بهذه الزيارة في ستّة أوقات."

"وأما صفة هذه الزيارة فهي كما يلي:

إذا أردت زيارته عليه‌السلام في الأوقات المذكورة فاغتسل والبس أطهر ثيابك، وقف عَلَىٰ باب قبّته مستقبل القبلة، وسلّم عَلَىٰ سيدنا رسول الله وعَلَیٰ أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين، وسيأتي في الاستئذان لزيارة عرفة كيفيّة السلام عليهم عليه‌السلام، ثم ادخل وقف عند الضريح المقدّس وقل مئة مرّة: "

الثانية: زيارة النصف من رجب

"وهي زيارة أُخرىٰ غير ما مرَّ أوردها المفيد رحمه‌الله في المزار للنصف من رجب خاصّة، ويسمّىٰ (أي النصف من رجب) بالغُفيلة لغَفْلَةِ عامّة الناس عن فضله. فإذا أردت ذلك وأتيت الصحن

فادخل أي ادخل الروضة وكبّر الله تعالىٰ ثلاثاً وقف على القبر وقل:"

الثالثة: زيارة النصف من شعبان

"الثالثة: زيارة النصف من شعباناعلم أنّه وردت أحاديث كثيرة في فضل زيارته عليه‌السلام في النصف من شعبان ويكفيها فضلاً

أنّها رويت بعدّة أسناد معتبرة عن الإمام زين العابدين وعن الإمام جعفر الصَّادق عليهما‌السلام، قالا: من أحبّ ان يصافحه مئة ألف نبيٍّ وأربعة وعشرون ألف نبيّ فليزر قبر أبي عبدالله الحسين بن عليّ عليه‌السلام في النصف من شعبان فإنَّ الملائكة وأرواح النّبيّين عليهم‌السلام يستأذنُون الله في زيارته فيؤذَن لهم، فطوبىٰ لمن صافح هؤلاء وصافحوه ومنهم خمسة اُولو العزم من الرُّسل، هم: نُوح وإبراهيم ومُوسىٰ وعيسىٰ ومُحمِّدٍ صلّی الله عليه وآله وعليهم أجمعين. قال الرّاوي: قلنا له: ما معنىٰ اُولي العزم؟ قال: بُعثوا إلىٰ شرق الأرض وغربها جِنّها وإنْسِها.

وقد وردت فيه زيارتان: فالأولىٰ: هي ما أوردناه لزيارته عليه‌السلام في أوَّل يوم من رجب، والثانية: ما رواه الشّيخ الكفعمي في كتاب البلد الأمين عن الصّادق عليه‌السلام، وهي كما يلي: تقف عند قبره وتقول:"

الرابعة: زيارة ليالي القدر

"اعلم أنّ الأحاديث كثيرة في فضل زيارة الحسين عليه‌السلام في شهر رمضان ولا سيّما في أول ليلة منه وليلة النِّصف منه وآخر ليلة منه وفي خصوص ليلة القدر.

وروي عن الإمام مُحَمَّدِ التقيّ عليه‌السلام قال: مَنْ زار الحسين عليه‌السلام ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وهي الليلة التي يُرجىٰ أن تكون ليلة القدر وفيها يُفْرَق كُلُّ أمْرٍ حكيمٍ صافحه رُوح أربعة وعشرين ألف نبيٍّ كلّهم يستأذن الله في زيارة الحسين عليه‌السلام في تلك الليلة.

وفي حديث معتبر آخر عن الصَّادق عليه‌السلام: إذا كانت ليلة القدر نادیٰ مناد من السماء السابعة من بطنان العرش: إنَّ الله عزوجل قد غفر لمن أتىٰ قبر الحسين عليه‌السلام."

"وفي رواية أنّ من كان عند قبر الحسين عليه‌السلام ليلة القدر يصلِّي عنده ركعتين أو ما تيسّر له وسأل الله الجنَّة واستعاذ من النار آتاه الله ما سأل وأعاذه الله ممَّا استعاذ منه.

وروىٰ ابن قولويه عن الصَّادق عليه‌السلام أنَّ من زار قبر الحسين عليه‌السلام في شهر رمضان ومات في الطريق لم يُعرَض ولم يُحاسَب ويقال له: ادخل الجنّة آمِناً."

"وأمّا الألفاظ التي يزار بها الحسين عليه‌السلام في ليلة القدر فهي زيارة أوردها الشّيخ والمفيد ومُحَمَّد بن المشهدي وابن طاووس والشهيد رحمهم الله في كتب الزيارة وخصّوها بهذه الليلة وبالعيدين (أي عيد الفطر وعيد الأضحىٰ)، وروى الشيخ مُحَمَّد بن المشهدي بأسناده المعتبرة عن الصَّادق عليه‌السلام قال:

إذا أردت زيارته عليه‌السلام فأتِ مشهده المقدّس بعد أن تغتسل وتلبس أطهر ثيابك، فإذا وقفت عَلَىٰ قبره فاستقبله بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك وقل:"

الخامسة: زيارة في عيدَي الفطر والأضحى

"بسندٍ مُعتبر عن الصَّادق عليه‌السلام قال: مَنْ زار قبر الحسين عليه‌السلام ليلةً من ثلاث ليالٍ غفر الله له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر، قال: قلت: أيّ الليالي جعلت فداك، ليلة الفطر، وليلة الأضحىٰ، وليلة النِّصف من شعبان.

وفي رواية مُعتبرة عن موسىٰ بن جعفر عليه‌السلام قال: ثلاثُ ليالٍ مَن زار فيها الحسين عليه‌السلام غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر: ليلة النصف من شعبان، وليلة الثالثة والعشرين من رمضان، وليلة العيد، أي ليلة عيد الفطر.

وعن الصَّادق عليه‌السلام قال: من زار الحسين بن عَليّ عليه‌السلام ليلة النّصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة عرفة في سنة واحدة كتب الله له ألف حجّة مبرورة، وألف عمرة متقبَّلة، وقُضيت له ألف حاجة من حوائج الدُّنيا والآخرة."

"وعن الباقر عليه‌السلام قال: مَن بات ليلة عرفة بأرض كربلاء وأقام بها حتىٰ يُعيّد وينصرف وقاه الله شرَّ سنته.

واعلم أنّ العلماء قد أوردوا لِهٰذَين العيدين الشَّريفين زيارتَين إحداهما ما مضت من الزّيارة في ليالي القدر، والثّانية هي ما يلي، والزّيارة السَّابقة يزار بها عَلَىٰ ما يظهر من كلماتهم في يومي العيدَين، وهذه الزّيارة تخصّ ليلتهما.

قالوا: إذا أردت زيارته عليه‌السلام في الليلَتين المذكورتين فقف عَلَىٰ باب القبَّة الطَّاهرة وارْمِ بِطَرْفِكَ نحو القبر مستأذناً فقُل:"

السادسة: زيارة في يوم عرفة

"اعلم أنَّ ما رُوِيَ عن أهل البيت الطَّاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين في زيارة عرفة ممّا لا يحصىٰ فضلاً وعدداً، ونحن تشويقاً للزائرين نورد منها البعض اليسير؛

بسند معتبر عن بشير الدَّهّان، قال: قلت للصّادق صلوات الله وسلامه عليه: رُبَّما فاتني الحجُّ فأعرّف عند قبر الحسين عليه‌السلام. قال: أحسنت يا بشير،"

أيُّما مؤمن أتىٰ قبر الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقّه في غير يوم عيد كُتِبَ له عشرون حجّة، وعشرون عمره مبرورات متقبّلات، وعشرون غزوة مع نبيٍّ مُرْسَل أو إمام عادل. [ومن أتاه في يوم عيد كتبت له مئة حجّة ومئة عمرة ومئة غزوة مع نبيّ مرسل أو إمام عادل]، ومن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقّه كُتِبَ له ألف حجّة، وألف عُمرة مبرورات متقبّلات، وألف غزوة مع نبيٍّ مرسل أو إمامٍ عادل. قال:

فقلت له: وكيف لي بمثل الموقف؟ قال: فنظر إليَّ شبه المغضب، ثمّ قال: يا بشير، إنّ المؤمن إذا أتىٰ قبر الحُسين عليه‌السلام يوم عرفة واغتسل بالفرات، ثم توجّه إليه كتب الله عزوجل له بكلّ خطوة حجّة بمناسكها، ولا أعلمُه إلّا قال:وعمرة

وفي أحاديث كثيرة معتبرة: إنَّ الله تعالىٰ ينظر إلىٰ زُوّار قبر الحسين عليه‌السلام نظر الرّحمة في يوم عرفة قبل نظره إلىٰ أهل عرفات.

وفي حديث معتبر عن رفاعة قال: قال لي الصَّادق عليه‌السلام: يا رفاعة، أحججت العام؟ قلت: جعلت فداك، ما كان عندي ما أحجّ به، ولكنّي عرفت عند قبر الحسين عليه‌السلام. فقال لي: يا رفاعة، ما قصرت عمّا كان أهلُ مِنىٰ فيه، لولا أنّي أكره أن يدع النَّاس الحجّ لحدّثتك بحديث لا تَدَعُ زيارة قبر الحسين عليه‌السلام أبداً. ثمّ نكت الأرض وسكت طويلاً، ثمّ قال: أخبرني أبي، قال: مَنْ خرج إلىٰ قبر الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقّه غير مستكبر صَحِبَه ألفُ مَلَكٍ عن يمينه، وألفُ مَلَكٍ عن شماله، وكُتب له ألف حجّة، وألف عمرة مع نبيٍّ أو وصيِّ نبِيٍّ.

وأمّا كيفيّة زيارته عليه‌السلام فهي عَلَى ما أورده أجلَّة العلماءِ وزعماء المذهب والدِّين كما يلي: إذا أردت زيارته في هذا اليوم فاغتسل من الفرات إنْ أمكنك وإلَّا فمِن حيث أمكنك، والْبَس أطهر ثيابك، واقصد حضرتَهُ الشَّريفَةَ وأنت عَلَىٰ سكينة ووقار، فإذا بلغت باب الحائر فكبّر الله تعالىٰ.

السابعة: زيارة عاشوراء

"الزيارة الأولى : مما أردنا إيراده هنا هي زيارة عاشوراء المشهورة ويزار بها من قرب ومن بعد. وروايتها المشروحه كما رواها الشيخ أبو جعفر الطوسي في المصباح ما يلي : روى محمد بن إسماعيل بن صالح بن بزيع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن الباقر عليه‌السلام

قال : من زار الحُسَين بن علي عليه‌السلام في يوم عاشوراء من المحرّم يظلّ عنده باكيا لقي الله عزَّ وجلَّ يوم يلقاه بثواب ألفي حجة وألفى عمرة وألفى غزوة كثواب من حجّ واعتمر وغزا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومع الأئمة الراشدين.

قال قلت : جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيها ولَم يمكنه المسير إليه في ذلك اليوم."

"قال : إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحا مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتليه وصلّى من بعد ركعتين وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس ثم ليندب الحُسَين عليه‌السلام ويبكيه ويأمر من في داره ممن لايتّقيه بالبكاء عليه ويقم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه وليعزّ فيها بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه‌السلام ، وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك جميع ذلك.

قلت : جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟

قال : أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك.

قلت : فكيف يعزّي بعضنا بعضا؟

قال : تقولون :"

الدعاء بعد زيارة عاشوراء

وروىٰ مُحَمَّدٍ بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وجماعة من أصحابنا إلى الغريّ بعدما خرج الصادق عليه‌السلام، فسرنا من الحيرة إلى المدينة، فلمّا فرغنا من الزيارة أي زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام صرف صفوان وجهه إلىٰ ناحية أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام فقال لنا: تزورون الحسين عليه‌السلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام، من هاهنا أومأ إليه أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام وأنا معه.

قال سيف بن عميرة: فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن مُحًمَّدٍ الحضرمي عن الباقر عليه‌السلام في يوم عاشوراء، ثم صلّىٰ ركعتين عند رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام وودّع في دبرها أمير المؤمنين عليه‌السلام وأومأ إلى الحسين صلوات الله عليه بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه وودّع وكان فيما دعا في دبرها:

حديث صفوان في فضل زيارة عاشوراء

"قال سيف بن عميرة: فسألت صفواناً فقلت له: إنّ علقمة بن مُحَمَّد لم يأتنا بهذا عن الباقر عليه‌السلام، إنّما أتانا بدعاء الزيارة،

فقال صفوان: وردت مع سيّدي الصادق صلوات الله وسلامه عليه إلىٰ هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا، ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلّىٰ كما صلّينا، وودّع كما ودّعنا."

ثمّ قال لي صفوان: قال الصادق عليه‌السلام : تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء وزر به فإنّي ضامن على الله تعالی لكلّ من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد أنّ زيارته مقبولة، وسعيه مشكور، وسلامه واصلٌ غير محجوب، وحاجته مقضيّة من الله تعالىٰ بالغة ما بلغت ولا يخيّبه،

يا صفوان وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وأبي عن أبيه عَليّ بن الحسين عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان عن الحسين عليه‌السلام، والحسين عليه‌السلام عن أخيه الحسن عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان، والحسن عليه‌السلام عن أبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان، وأمير المؤمنين عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مضموناً بهذا الضمان، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان، وجبرئيل عن الله تعالىٰ مضموناً بهذا الضمان.

وقد آلى الله عَلَىٰ نفسه عزوجل أنّ من زار الحسين عليه‌السلام بهذه الزيارة من قرب او بعد ودعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغةً ما بلغت، وأعطيته سؤله، ثم لا ينقلب عنّي خائباً وأقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته، والفوز بالجنّة، والعتق من النار، وشفّعته في كلّ من شفع، خلا ناصب لنا أهل البيت،

آلى الله تعالىٰ بذلك عَلَىٰ نفسه وأشهدنا بما شهدت به ملائكة ملكوته علی ذلك، ثم قال جبرئيل: يا رسول الله، أرسلني الله إليك سروراً وبشرىٰ لك وسروراً وبشری لعليّ وفاطمة والحسن والحسين وإلی الأئمّة من ولدك إلیٰ يوم القيامة، فدام يا محمد سرورك وسرور عَليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة وشيعتكم إلىٰ يوم البعث.

ثمّ قال صفوان: قال لي الصادق عليه‌السلام: يا صفوان إذا حدث لك إلى الله حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت، وادع بهذا الدعاء، وسل ربّك حاجتك تأتيك من الله، والله غير مخلف وعده رسوله بجوده وبمنّه والحمد لله.

قال سيف بن عميرة: فسألت صفواناً فقلت له: إنّ علقمة بن مُحَمَّد لم يأتنا بهذا عن الباقر عليه‌السلام، إنّما أتانا بدعاء الزيارة،

فقال صفوان: وردت مع سيّدي الصادق صلوات الله وسلامه عليه إلىٰ هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا، ودعا بهذا الدعاء عند الوداع بعد أن صلّىٰ كما صلّينا، وودّع كما ودّعنا.

ثمّ قال لي صفوان: قال الصادق عليه‌السلام : تعاهد هذه الزيارة وادع بهذا الدعاء وزر به فإنّي ضامن على الله تعالی لكلّ من زار بهذه الزيارة ودعا بهذا الدعاء من قرب أو بعد أنّ زيارته مقبولة، وسعيه مشكور، وسلامه واصلٌ غير محجوب، وحاجته مقضيّة من الله تعالىٰ بالغة ما بلغت ولا يخيّبه،

يا صفوان وجدت هذه الزيارة مضمونة بهذا الضمان عن أبي وأبي عن أبيه عَليّ بن الحسين عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان عن الحسين عليه‌السلام، والحسين عليه‌السلام عن أخيه الحسن عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان، والحسن عليه‌السلام عن أبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان، وأمير المؤمنين عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مضموناً بهذا الضمان، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل عليه‌السلام مضموناً بهذا الضمان، وجبرئيل عن الله تعالىٰ مضموناً بهذا الضمان.

وقد آلى الله عَلَىٰ نفسه عزوجل أنّ من زار الحسين عليه‌السلام بهذه الزيارة من قرب او بعد ودعا بهذا الدعاء قبلت منه زيارته وشفعته في مسألته بالغةً ما بلغت، وأعطيته سؤله، ثم لا ينقلب عنّي خائباً وأقلبه مسروراً قريراً عينه بقضاء حاجته، والفوز بالجنّة، والعتق من النار، وشفّعته في كلّ من شفع، خلا ناصب لنا أهل البيت،

آلى الله تعالىٰ بذلك عَلَىٰ نفسه وأشهدنا بما شهدت به ملائكة ملكوته علی ذلك، ثم قال جبرئيل: يا رسول الله، أرسلني الله إليك سروراً وبشرىٰ لك وسروراً وبشری لعليّ وفاطمة والحسن والحسين وإلی الأئمّة من ولدك إلیٰ يوم القيامة، فدام يا محمد سرورك وسرور عَليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة وشيعتكم إلىٰ يوم البعث.

ثمّ قال صفوان: قال لي الصادق عليه‌السلام: يا صفوان إذا حدث لك إلى الله حاجة فزر بهذه الزيارة من حيث كنت، وادع بهذا الدعاء، وسل ربّك حاجتك تأتيك من الله، والله غير مخلف وعده رسوله بجوده وبمنّه والحمد لله.

آثار المواظبة على زيارة عاشوراء

أقول: ورد في كتاب النجم الثاقب قصّة تشرّف الحاجّ أحمد الرشتي بالحضور عند إمام العصر أرواحنا فداه في سفر الحجّ وقوله عليه‌السلام له: لماذا لا تقرأ زيارة عاشوراء عاشوراء عاشوراء عاشوراء؟ ونحن سنرويها بعد الزيارة الجامعة الكبيرة إن شاء الله،

وقال شيخنا ثقة الإسلام النوري رحمه‌الله: أما زيارة عاشوراء فكفاها فضلاً وشرفاً أنّها لا تسانخ سائر الزيارات التي هي من إنشاء المعصوم وإملائه في ظاهر الأمر وإن كان لا يبرز من قلوبهم الطاهرة إلّا ما تبلغها من المبدأ الأعلىٰ، بل تُسانخ الأحاديث القدسيّة التي أوحى الله جلّت عظمته بها إلىٰ جبرئيل بنصّها بما فيها من اللعن والسلام والدعاء، فأبلغها جبرئيل إلىٰ خاتم النبيّين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وهي كما دلّت عليه التجارب فريدة في آثارها من قضاء الحوائج، ونيل المقاصد، ودفع الأعادي، لو واظب عليها الزائر أربعين يوماً أو أقلّ،

"ولكن أعظم ما أنتجته من الفوائد ما في كتاب دار السلام وملخّصه أنّه حدّث الثقة الصالح التقي الحاجّ المولىٰ حسن اليزدي المجاور للمشهد الغرويّ، وهو من الذين وفوا بحقّ المجاورة وأتعبوا أنفسهم في العبادة، عن الثقة الأمين الحاجّ مُحَمَّد عَليّ اليزدي قال:

كان في يزد رجل صالح فاضل مشتغل بنفسه ومواظب لعمارة رمسه يبيت في الليالي بمقبرة خارج بلدة زد تعرف بالمزار وفيها جملة من الصلحاء، وكان له جار نشأ معه من صغر سنّه عند المعلّم وغيره إلىٰ أن صار عشّاراً، وكان كذلك إلىٰ أن مات ودفن في تلك المقبرة قريباً من المحلّ الذي كان يبيت فيه الرجل الصالح المذكور، "

"فرآه بعد موته بأقلّ من شهر في المنام في زيّ حسن وعليه نضرة النعيم فتقدّم إليه وقال له: إنِّي عالم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ولم تكن ممّن يحتمل في حقّه حسن الباطن ولم يكن عملك مقتضياً إلّا للعذاب والنكال، فبم نلت هذا المقام؟

قال: نعم، الأمر كما قلت، كنت مقيماً في أشدّ العذاب مِن يوم وفاتي إلىٰ أمس، وقد توفّيت فيه زوجة الاُستاذ أشرف الحدّاد ودُفنت في هذا المكان، وأشار إلىٰ طرف بينه وبينه قريب من مئة ذراع، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبدالله عليه‌السلام ثلاث مرّات، وفي المرّة الثالثة أمر برفع العذاب عن هذه المقبرة، فصرت في نعمة وسعة وخفض عيش ودعة،"

فانتبه متحيّراً ولم تكن له معرفة بالحدّاد ومحلّه، فطلبه في سوق الحدّادين فوجده فقال له: ألك زوجة؟ قال: نعم، توفّيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني، وذكر الموضع الذي أشار إليه. قال: فهل زارت أبا عبدالله عليه‌السلام؟ قال: لا. قال: فهل كانت تذكر مصائبه؟ قال: لا. قال: فهل كان لها مجلس تذكر فيه مصائبه؟ قال: لا. فقال الرجل: وما تريد من السؤال؟ فقصّ عليه رؤياه، قال: كانت مواظبة عَلَىٰ زيارة عاشوراء.

أقول: ورد في كتاب النجم الثاقب قصّة تشرّف الحاجّ أحمد الرشتي بالحضور عند إمام العصر أرواحنا فداه في سفر الحجّ وقوله عليه‌السلام له: لماذا لا تقرأ زيارة عاشوراء عاشوراء عاشوراء عاشوراء؟ ونحن سنرويها بعد الزيارة الجامعة الكبيرة إن شاء الله،

وقال شيخنا ثقة الإسلام النوري رحمه‌الله: أما زيارة عاشوراء فكفاها فضلاً وشرفاً أنّها لا تسانخ سائر الزيارات التي هي من إنشاء المعصوم وإملائه في ظاهر الأمر وإن كان لا يبرز من قلوبهم الطاهرة إلّا ما تبلغها من المبدأ الأعلىٰ، بل تُسانخ الأحاديث القدسيّة التي أوحى الله جلّت عظمته بها إلىٰ جبرئيل بنصّها بما فيها من اللعن والسلام والدعاء، فأبلغها جبرئيل إلىٰ خاتم النبيّين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وهي كما دلّت عليه التجارب فريدة في آثارها من قضاء الحوائج، ونيل المقاصد، ودفع الأعادي، لو واظب عليها الزائر أربعين يوماً أو أقلّ،

ولكن أعظم ما أنتجته من الفوائد ما في كتاب دار السلام وملخّصه أنّه حدّث الثقة الصالح التقي الحاجّ المولىٰ حسن اليزدي المجاور للمشهد الغرويّ، وهو من الذين وفوا بحقّ المجاورة وأتعبوا أنفسهم في العبادة، عن الثقة الأمين الحاجّ مُحَمَّد عَليّ اليزدي قال:

كان في يزد رجل صالح فاضل مشتغل بنفسه ومواظب لعمارة رمسه يبيت في الليالي بمقبرة خارج بلدة زد تعرف بالمزار وفيها جملة من الصلحاء، وكان له جار نشأ معه من صغر سنّه عند المعلّم وغيره إلىٰ أن صار عشّاراً، وكان كذلك إلىٰ أن مات ودفن في تلك المقبرة قريباً من المحلّ الذي كان يبيت فيه الرجل الصالح المذكور،

فرآه بعد موته بأقلّ من شهر في المنام في زيّ حسن وعليه نضرة النعيم فتقدّم إليه وقال له: إنِّي عالم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ولم تكن ممّن يحتمل في حقّه حسن الباطن ولم يكن عملك مقتضياً إلّا للعذاب والنكال، فبم نلت هذا المقام؟

قال: نعم، الأمر كما قلت، كنت مقيماً في أشدّ العذاب مِن يوم وفاتي إلىٰ أمس، وقد توفّيت فيه زوجة الاُستاذ أشرف الحدّاد ودُفنت في هذا المكان، وأشار إلىٰ طرف بينه وبينه قريب من مئة ذراع، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبدالله عليه‌السلام ثلاث مرّات، وفي المرّة الثالثة أمر برفع العذاب عن هذه المقبرة، فصرت في نعمة وسعة وخفض عيش ودعة،

فانتبه متحيّراً ولم تكن له معرفة بالحدّاد ومحلّه، فطلبه في سوق الحدّادين فوجده فقال له: ألك زوجة؟ قال: نعم، توفّيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني، وذكر الموضع الذي أشار إليه. قال: فهل زارت أبا عبدالله عليه‌السلام؟ قال: لا. قال: فهل كانت تذكر مصائبه؟ قال: لا. قال: فهل كان لها مجلس تذكر فيه مصائبه؟ قال: لا. فقال الرجل: وما تريد من السؤال؟ فقصّ عليه رؤياه، قال: كانت مواظبة عَلَىٰ زيارة عاشوراء.

أقول: ورد في كتاب النجم الثاقب قصّة تشرّف الحاجّ أحمد الرشتي بالحضور عند إمام العصر أرواحنا فداه في سفر الحجّ وقوله عليه‌السلام له: لماذا لا تقرأ زيارة عاشوراء عاشوراء عاشوراء عاشوراء؟ ونحن سنرويها بعد الزيارة الجامعة الكبيرة إن شاء الله،

وقال شيخنا ثقة الإسلام النوري رحمه‌الله: أما زيارة عاشوراء فكفاها فضلاً وشرفاً أنّها لا تسانخ سائر الزيارات التي هي من إنشاء المعصوم وإملائه في ظاهر الأمر وإن كان لا يبرز من قلوبهم الطاهرة إلّا ما تبلغها من المبدأ الأعلىٰ، بل تُسانخ الأحاديث القدسيّة التي أوحى الله جلّت عظمته بها إلىٰ جبرئيل بنصّها بما فيها من اللعن والسلام والدعاء، فأبلغها جبرئيل إلىٰ خاتم النبيّين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وهي كما دلّت عليه التجارب فريدة في آثارها من قضاء الحوائج، ونيل المقاصد، ودفع الأعادي، لو واظب عليها الزائر أربعين يوماً أو أقلّ،

ولكن أعظم ما أنتجته من الفوائد ما في كتاب دار السلام وملخّصه أنّه حدّث الثقة الصالح التقي الحاجّ المولىٰ حسن اليزدي المجاور للمشهد الغرويّ، وهو من الذين وفوا بحقّ المجاورة وأتعبوا أنفسهم في العبادة، عن الثقة الأمين الحاجّ مُحَمَّد عَليّ اليزدي قال:

كان في يزد رجل صالح فاضل مشتغل بنفسه ومواظب لعمارة رمسه يبيت في الليالي بمقبرة خارج بلدة زد تعرف بالمزار وفيها جملة من الصلحاء، وكان له جار نشأ معه من صغر سنّه عند المعلّم وغيره إلىٰ أن صار عشّاراً، وكان كذلك إلىٰ أن مات ودفن في تلك المقبرة قريباً من المحلّ الذي كان يبيت فيه الرجل الصالح المذكور،

فرآه بعد موته بأقلّ من شهر في المنام في زيّ حسن وعليه نضرة النعيم فتقدّم إليه وقال له: إنِّي عالم بمبدئك ومنتهاك وباطنك وظاهرك ولم تكن ممّن يحتمل في حقّه حسن الباطن ولم يكن عملك مقتضياً إلّا للعذاب والنكال، فبم نلت هذا المقام؟

قال: نعم، الأمر كما قلت، كنت مقيماً في أشدّ العذاب مِن يوم وفاتي إلىٰ أمس، وقد توفّيت فيه زوجة الاُستاذ أشرف الحدّاد ودُفنت في هذا المكان، وأشار إلىٰ طرف بينه وبينه قريب من مئة ذراع، وفي ليلة دفنها زارها أبو عبدالله عليه‌السلام ثلاث مرّات، وفي المرّة الثالثة أمر برفع العذاب عن هذه المقبرة، فصرت في نعمة وسعة وخفض عيش ودعة،

فانتبه متحيّراً ولم تكن له معرفة بالحدّاد ومحلّه، فطلبه في سوق الحدّادين فوجده فقال له: ألك زوجة؟ قال: نعم، توفّيت بالأمس ودفنتها في المكان الفلاني، وذكر الموضع الذي أشار إليه. قال: فهل زارت أبا عبدالله عليه‌السلام؟ قال: لا. قال: فهل كانت تذكر مصائبه؟ قال: لا. قال: فهل كان لها مجلس تذكر فيه مصائبه؟ قال: لا. فقال الرجل: وما تريد من السؤال؟ فقصّ عليه رؤياه، قال: كانت مواظبة عَلَىٰ زيارة عاشوراء.

زيارة عاشوراء غير المشهورة

"الثانية: زيارة عاشوراء غير المشهورة: وهي تناظر الزيارة المشهورة المتداولة في الأجر والثواب خلوّاً من عناء اللّعن والسلام مئة مرّة،

وهي فوز عظيم لمن يشغله عن تلك الزيارة شاغل هامّ، وكيفيّتها عَلَىٰ ما في كتاب المزار القديم من دون الشرح كما يلي: من أحبّ أن يزوره من بُعد البلاد أو قربها فليغتسل ويبرز إلى الصحراء، أو يصعد سطح داره فيصلّي ركعتين يقرأ فيهما سورة $(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)$، فإذا سلّم أومأ اليه بالسَّلام، وليتوجه بالسلام والإيماء والنيّة إلىٰ جهة قبر أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام، ثم يقول بخشوع واستكانة:"

الثامنة: زيارة الاربعين

"اي اليوم العشرين من صفر.

روى الشيخ في التهذيب والمصباح عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام قال: علامات المؤمن خمس: صلاة إحدىٰ وخمسين أي الفرائض اليوميّة وهي سبع عشرة ركعة والنوافل اليوميّة وهي أربع وثلاثون ركعة، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين بالسجود، والجهر بِبسْمِ الله الرَّحمٰن الرَّحيم.

وقد رويت زيارته في هذا اليوم علىٰ نحوين:

أحدهما:

ما رواه الشيخ في التهذيب والمصباح عن صفوان الجمَّال قال: قال لي مولاي الصادق صلوات الله عليه في زيارة الأربعين: تزور عند ارتفاع النهار وتقول:"

الاوقات الفاضلة لزيارة الحسين عليه‌السلام

"أقول: زيارة الحسين عليه‌السلام تزداد فضلاً في الأوقات الشريفة والليالي والأيّام المباركة مما لم يخصّ بالذكر لا سيّما فيما انتسب إليه من تلك الأوقات، كيوم المباهلة، ويوم نزول سورة هل أتىٰ، ويوم ميلاده الشريف، وليالي الجمعة، وغير ذلك من شريف الأزمان.

ويستفاد من بعض الروايات أنّ الله تعالىٰ ينظر إلى الحسين عليه‌السلام في كلّ ليلة من ليالي الجمعة بعين الكرامة فيبعث إلىٰ زيارته كلّ نبيّ أو وصيّ نبيّ. "

"وروىٰ ابن قولويه عن الصادق عليه‌السلام أنَّ من زار قبر الحسين عليه‌السلام في كلّ جمعة غفر الله له البتّة ولم يخرج من الدنيا وفي نفسه حسرة منها، وكان مسكنه في الجنّة مع الحسين عليه‌السلام.

وفي حديث الأعمش أنّه قال له بعض جيرانه: رأيت في المنام رقعاً تتساقط من السماء فيها أمان لمن زار الحسين عليه‌السلام ليلة الجمعة.

وستأتي إشارة إلىٰ هذا في أعمال الكاظميّة عند ذكر قصّة الحاجّ عليّ البغدادي."

ورُوي أنّ الصادق عليه‌السلام سئل عن زيارة الحسين عليه‌السلام هل لها وقت أفضل من غيره؟ قال: زوروه في كل وقت وفي كلّ حين، فإنَّ زيارته عليه‌السلام خير مقرّر فمن أكثر منها فقد استكثر من الخير، ومن قللّ قللّ له، وتحَرّوا بزيارتكم الأوقات الشريفة فإنّ الأعمال الصالحة فيها مضاعفة، وهي أوقات مهبط الملائكة لزيارته عليه‌السلام، الخبر.

ولم نعثر علىٰ زيارة خاصّة له عليه‌السلام تخصّ هذه الأوقات المذكورة، نعم قد خرج من الناحية المقدّسة في اليوم الثالث من شعبان وهو يوم ميلاده عليه‌السلام دعاء ينبغي قراءته، وقد مضىٰ في خلال أعمال شهر شعبان.

"واعلم أيضاً أنّ لزيارته عليه‌السلام في غير كربلاء من البلاد البعيدة فضلاً كثيراً أيضاً، ونحن نقتصر في ذلك علىٰ ذكر حديثين مرويّين في الكافي والفقيه والتهذيب.

الحديث الأوّل: روىٰ ابن أبي عمير، عن هشام، عن الصادق عليه‌السلام: قال: إذا بعدت بأحدكم الشّقّة ونأت به الدار فليصعد أعلىٰ منزله فليصلّ ركعتين وليؤمّ بالسلام إلىٰ قبورنا فإنّ ذلك يصير إلينا."

الحديث الثّاني: عن حنّان بن سدير، عن أبيه قال: قال لي الصادق عليه‌السلام: يا سدير تزور قبر الحسين عليه‌السلام في كلّ يوم؟ قلت: جعلت فداك، لا. قال: ما أجفاكم؟ فتزوره في كلّ جمعة؟ قلت: لا. قال: فتزوره في كلّ شهر؟ قلت: لا. قال: فتزوره في كلّ سنة؟ قلت: قد يكون ذلك. قال: يا سدير، ما أجفاكم بالحسين عليه‌السلام!

"أما علمتم أنّ لله ألفين من الملائكة؟ وفي رواية التهذيب والفقيه: ألف ألف ملك شعثاً غبراً يبكون ويزورون لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليه‌السلام في كلّ جمعة خمس مرّات، وفي كلّ يوم مرّة.

قلت: جعلت فداك، إنَّ بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقال: تصعد فوق سطحك، ثم تلتفت يمنة ويسرة، ثم ترفع رأسك إلى السماء، ثم تتحوّل نحو قبر الحسين عليه‌السلام ثم تقول:"

فضل تربة الحُسَين عليه‌السلام وآدابها

اعلم أنَّ لنا روايات متظافرة تنطق بأنّ تربته عليه‌السلام شفاء من كلّ سقم وداء إلّا الموت، وأمان من كلّ بلاء. وهي تورث الأمن من كلّ خوف. والأحاديث في هذا الباب متواترة وما برزت من تلك التربة المقدّسة من المعجزات أكثر من أن تذكر،

وانّي قد ذكرت في كتاب الفوائد الرضويّة في تراجم العلماء الإمامية عند ترجمة السيّد المحدّث المتبحّر نعمة الله الجزائري أنّه كان ممّن جهد لتحصيل العلم جهداً وتحمّل في سبيله الشدائد والصعاب، وكان في إبّان طلبه العلم لا يسعه الإسراج فقراً، فيستفيد للمطالعة ليلاً من ضوء القمر، وقد أكثر من المطالعة في ضوء القمر ومن القراءة والكتابة حتىٰ ضعف بصره فكان يكتحل بتربة الحسين عليه‌السلام المقدّسة وبتراب المراقد الشريفة للأئمّة في العراق عليهم‌السلام فيقوىٰ بصره ببركتها.

وإنّي قد حذّرت هناك أيضاً أهالي عصرنا أن يعجبوا لهذه الحكاية إثر معاشرتهم الكفّار والملاحدة. فقد قال الدميري في حياة الحيوان إنّ الأفعىٰ إذا عاش ألف سنة عميت عينه فيلهمه الله تعالىٰ أن يمسحها بالرازيانج الرطب لكي يعود إليها بصرها فيقبل من الصحراء نحو البساتين ومنابت الرازيانج وإن طالت المسافة حتّىٰ يهتدي إلىٰ ذلك النبات فيمسح بها عينه فيرجع إليها بصرها. ويُرْوَىٰ ذلك عن الزمخشري وغيره أيضاً.

"فإذا كان الله تعالىٰ قد جعل مثل هذه الفائدة في نبات رطب تهتدي إليه حيّة عمياء فتأخذ نصيبها منه، فأيّ استبعاد واستعجاب في أن يجعل في تربة ابن نبيّه صلوات الله عليه الّذي استشهد هو وعترته في سبيله شفاءً من كلّ داء، وغير ذلك من الفوائد والبركات لينتفع بها الشيعة والأحباب.

ونحن في المقام نقنع بذكر عدّة روايات:"

"الأُولىٰ:

رُوِيَ أنّ الحور العين إذا أبصرن بواحد من الأملاك يهبط إلىٰ الأرض لأمر ما يستهدين منه السبح والتربة من طين قبر الحسين عليه‌السلام."

"الثانية:

روي بسند معتبر عن رجل قال: بعث إليّ الرضا عليه‌السلام من خراسان رزم ثياب وكان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا؟ قال: هذا طين قبر الحسين عليه‌السلام ما كان يوجّه شيئاً من الثياب ولا غيره إلّا ويجعل فيه الطين، فكان يقول: هو أمان بإذن الله تعالى."

"الثالثة:

عن عبدالله بن أبي يعفور، قال: قلت للصادق عليه‌السلام: يأخذ الإنسان من طين قبر الحسين عليه‌السلام فينتفع به، ويأخذ غيره فلا ينتفع به. فقال: لا والله الذي لا إله إلّا هو، ما ياخذه أحد وهو يرىٰ انّ الله ينفعه به إلّا نفعه الله به."

"الرابعة:

عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت للصادق عليه‌السلام: إنّي رأيت أصحابنا يأخذون من طين الحائر ليستشفون به، هل في ذلك شيء ممّا يقولون من الشفاء؟ "

قال: قال: يُستشفىٰ بما بينه وبين القبر علىٰ رأس أربعة أميال، وكذا قبر جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، وكذا طين قبر الحسن وعليّ ومحمد فخذ منها فإنّها شفاء من كلّ سقم، وجُنَّة ممّا تخاف، ولا يعدلها شيء من الأشياء التي يستشفىٰ بها إلّا الدعاء، وإنّما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلّة اليقين لمن يعالج بها، فأمّا من أيقن أنّها له شفاء إذا يعالج بها كفته بإذن الله تعالىٰ من غيرها ممّا يتعالج به، ويفسدها الشياطين والجنّ من أهل الكفر منهم يتمسّحون بها وما تمرّ بشيء إلّا شمّها.

وأما الشياطين وكفّار الجنّ فإنّهم يحسدون بني آدم عليها فيتمسحون بها ليذهب عامّة طيبها ولا يخرج الطين من الحائر إلّا وقد استعدّ له ما لا يحصىٰ منهم، وإنّه لفي يدي صاحبها وهم يتمسّحون بها ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائر، ولو كان من التربة شيء يسلم ما عولج به أحد إلّا برئ من ساعته. فإذا أخذتها فاكتمها وأكثر عليها ذكر الله عزوجل، وقد بلغني أن بعض من يأخذ من التربة شيئاً يستخفّ به حتّىٰ أنّ بعضهم ليطرحها في مخلاة الإبل والبغل والحمار وفي وعاء الطعام وما يمسح به الأيدي من الطعام والخرج والجوالق، فكيف يستشفي به من هذا حاله عنده؟ ولكن القلب الذي ليس فيه اليقين من المستخف بما فيه صلاحه يفسد عمله

"الخامسة:

رُوِيَ انّه إذا تناول التربة أحدكم فليأخذ بأطراف أصابعه وقدره مثل الحمّصة فليقبّلها وليضعها علىٰ عينه وليمرَّها علىٰ سائر جسده وليقل: "