الخاتمة: في زيارة الأنبياء العظام عليهمالسلام وأبناء الأئمة الكرام وقبور المؤمنين أسكنهم الله دار السلام
المطلب الأول: في زيارة الأنبياء العظام عليهمالسلام
المطلب الثاني: في زيارة الأبناء العظام للأئمة عليهمالسلام
زيارة السيّدة معصومة عليهاالسلام في قم
زيارة الشاه عبد العظيم الحسني رضياللهعنه
زيارة حمزة بن الكاظم عليهالسلام
زيارة أبي الفتوح و الشيخ الصدوق
المطلب الثالث: في زيارة قبور المؤمنين رضياللهعنهم أجمعين
ثواب وآداب زيارة قبور المؤمنين
التأكيد على الصدقة للاموات، والاعتبار والاتّعاظ بهم
أخذ العبرة من الأموات
المطلب الأول: في زيارة الأنبياء العظام عليهمالسلام
إعلم أنّ تكريم الأنبياء عليهمالسلام وتعظيمهم واجب عقلاً وشرعاً لا نُفَرِّقُ بين أحد من رسله،
وزيارتهم راجحة مستحسنة، والعلماء قد صرّحوا باستحباب زيارتهم،. وليس في الأنبياء عليهمالسلام وإن كثروا من يعرف موضع قبره إلّا القليلون، وهم علىٰ ما أعهد:
آدم عليهالسلام ونوح عليهالسلام وهما مدفونان عند مرقد أمير المؤمنين عليهالسلام،
وإبراهيم عليهالسلام وقبره في القدس الخليل قرب بيت المقدس، وبجواره مراقد سارة زوجته وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهمالسلام،
وإسماعيل عليهالسلام واُمّه هاجر مدفونان في الحجر في المسجد الحرام، وفيه قبور الأنبياء عليهمالسلام.
وعن الباقر عليهالسلام قال: ما بين الركن والمقام لمشحون من قبور الأنبياء.
وعن الصادق عليهالسلام قال: دفن ما بين الركن اليماني والحجر الأسود سبعون نبيّاً.
وفي بيت المقدس قبور عدّة من الأنبياء كداود وسليمان عليهماالسلام وغيرهما من الأنبياء المعروفين هناكَ سلام الله عليهم أجمعين،
وقبر زكريا عليهالسلام معروف في حلب، وليونس عليهالسلام علىٰ شريعة الكوفة بقعة ذات قبّة معروفة، وقبرا هود عليهالسلام وصالح عليهالسلام في النجف الأشرف مشهوران، ومرقد ذي الكفل علىٰ شاطیء الفرات مشهور وهو يبعد عن الكوفة، والنبيّ جرجيس قبره مدينة الموصل وفي خارج المدينة قبر شيث هبة الله، وقبر النبي دانيال في شوش، وقبر يوشع مقابل مسجد براثا، وغيرهم سلام الله عليهم أجمعين.
وأما كيفيّة زيارتهم عليهمالسلام فلم أظفر بزيارة مأثورة تخصُّهم عدا ما سلف في باب زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام من زيارة آدم ونوح عليهماالسلام، ولكن ما جعلناها الاُولىٰ من الزيارات الجامعة يزار بها الأنبياء أيضاً عليهمالسلام كما يبدو من روايتها، ويشهد لذلكَ أنّ الشيخ الجليل محمد بن المشهدي والسيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في مصباح الزائر وغيرهما رضوان الله عليهم قد أوردوا هذه الزيارة لمشهد يونس عليهالسلام عند بيانهم آداب دخول مدينة الكوفة، والمظنون أنّ ذكرهم هذه الزيارة لهذا المشهد ليس إلّا لما يبدو من العموم من روايتها،
وكيف كان فمن المناسب الزيارة بها في المراقد الشريفة للأنبياء عليهمالسلام. وقد أثبتنا الزيارة فيما سلف فلا حاجة إلىٰ إعادتها هنا، فمن شاء فليرجع إلى زيارة الجامعة الاُولىٰ وينتفع بفضلها العظيم.
المطلب الثاني: في زيارة الأبناء العظام للأئمة عليهمالسلام
في زيارة الأبناء العظام للأئمة عليهمالسلاموهم أبناء الملوك بالحقّ، وقبورهم منابع الفيض والبركة ومهابط الرحمة والعناية الإلٰهيّة، والعلماء قد صرّحوا باستحباب زيارة قبورهم، وهي ـ والحمد لله ـ منتشرة في غالب بلاد الشيعة، بل وفي القرىٰ والبراري وأطراف الجبال والأودية، وهي دائماً ملاذ المضطرّين، وملجأ البائسين، وغياث المظلومين، وتسلية للقلوب الذابلة، وستظلّ كذلكَ إلىٰ يوم القيامة، وقد برز من كثير من هذه المراقد الشريفة كرامات وخوارق للعادات،
ولكن لا يخفىٰ أنّ الزائر إذا شاء أن يشدّ الرّحل إلىٰ شيء من هذه المراقد موقناً ببلوغه فيض رحمة الله وبكشف كروبه فينبغي أن يحرز فيه شرطين:
الشرط الأوّل:
جلالة صاحب ذلكَ المرقد وعظمة شأنه، إضافة إلىٰ ما حازه من شرافة النّسب، وتعرف هذه من كتب الأحاديث والأنساب والتواريخ.
الشرط الثاني:
التأكّد من صحّة نسبة هذا المرقد اليه،
وما حاز كلا الشرطين من المشاهد قليلاً جدّاً، ونحن قد أشرنا في كتاب هديّة الزائر إلىٰ عدة مراقد قد اجتمع فيها الشرطان، وأشرنا في كتاب نفثة المصدور، وكتاب منتهىٰ الآمال إلىٰ مرقد محسن بن الحسين عليهالسلام، وهذا الكتاب لا يسع التفصيل فنقتصر علىٰ ذكر اثنين منها:
زيارة السيّدة معصومة عليهاالسلام في قم
الأوّل: مشهد السيّدة الجليلة العظيمة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهالسلام وقبرها الشريف في بلدة قم الطيّبة معروف مشهور وله قبّة شامخة وضريح وصحون وخدم كثيرون وأوقاف وافرة وهو قرّة العين لأهالي قم، وملاذ لعامّة الخلق يشدّ اليه الرحال في كلّ سنة خلق كثير من أقاصي البلاد فيتحمّلون متاعب السفر ابتغاء فضيلة زيارتها، وفضلها وجلالها يعرف من كثير من الاخبار.
روى الصدوق بسند كالصحيح عن سعد بن سعد قال: سألت الرضا عليهالسلام عن فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهماالسلام فقال: من زارها فله الجنّة.
ورویٰ بسند معتبر آخر عن محمّد التقي بن الرضا عليهماالسلام قال: مَنْ زار قبر عمّتي بقم فله الجنّة. وروى العلّامة المجلسي رحمهالله عن بعض كتب الزيارات عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن سعد الأشعري القمّي، عن الرضا صلوات الله عليه قال: قال: يا سعد، عندكم لنا قبر. قلت: جعلت فداك، قبر فاطمة عليهاالسلام بنت موسى بن جعفر عليهالسلام قال:
بلى، مَنْ زارَها عارِفاً بِحَقِّها فَلَهُ الْجَنَّةُ.
فإذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبلاً القبلة وقل: أربعاً وثلاثين مرّة
التأكّد من صحّة نسبة هذا المرقد اليه، وما حاز كلا الشرطين من المشاهد قليلاً جدّاً، ونحن قد أشرنا في كتاب هديّة الزائر إلىٰ عدة مراقد قد اجتمع فيها الشرطان، وأشرنا في كتاب نفثة المصدور، وكتاب منتهىٰ الآمال إلىٰ مرقد محسن بن الحسين عليهالسلام، وهذا الكتاب لا يسع التفصيل فنقتصر علىٰ ذكر اثنين منها:
زيارة الشاه عبد العظيم الحسني رضياللهعنه
الثاني: عبدالعظيم ـ شاه زاده عبدالعظيم ـ اللازم التعظيم، وينتهي نسبه الشريف بوسائط أربع إلىٰ سبط خير الورى الإمام الحسن المجتبىٰ عليهالسلام فهو عبدالعظيم بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام،
ومرقده الشريف في الريّ معروف مشهور وملاذ ومعاذ لعامّة الخلق، وعلوّ مقامه وجلالة شأنه أظهر من الشمس فإنّه من سلالة خاتم النبيّين، وهو مع ذلكَ من أكابر المُحدّثين، وأعاظم العلماء والزهّاد والعباد وذوي الورع والتقوىٰ، وهو من أصحاب الجواد والهادي عليهماالسلام، وكان متوسّلاً بهما أقصىٰ درجات التوسّل، ومنقطعاً إليهما غاية الانقطاع، وقد روىٰ عنهما أحاديث كثيرة وهو المؤلّف لكتاب خطب أمير المؤمنين عليهالسلام، وكتاب اليوم والليلة، وهو الذي عرض دينه علىٰ إمام زمانه الإمام الهادي عليهالسلام فأقرّه وصدّقه، وقال:
يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه فاثبت عليه ثبّتكَ الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
وقد ألّف الصاحب بن عبّاد رسالة وجيزة في أحواله، وشيخنا ثقة الإسلام النّوري قد أورد الوجيزة في خاتمة كتاب المستدرك. وروي هناك وفي كتاب الرجال للنجاشي أنّه خاف من السلطان فطاف بالبلدان علىٰ أنّه فيج (الرسول) ثم ورد الريّ وسكن بساربانان. وعلىٰ رواية النجاشي: سكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكّة الموالي،
وكان يعبد الله في ذلكَ السرب ويصوم نهاره ويقوم ليله، وكان يخرج مستتراً يزور القبر المقابل لقبره وبينهما الطريق ويقول: هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر عليهماالسلام. فلم يزل يأوي إلىٰ ذلكَ السرب ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمّد عليهمالسلام حتىٰ عرفه أكثرهم،
فرأىٰ رجل من الشيعة في المنام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له: إنّ رجلاً من ولدي يحمل من سكّة الموالي ويدفن عند شجرة التفّاح في باغ (بستان) عبد الجبّار بن عبد الوهّاب، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها من صاحبها، فقال له: لأيّ شيء تطلب الشجرة ومكانها؟ فأخبره بالرُّؤْيا، فذكر صاحب الشجرة، أنّه كان رأىٰ مثل هذه الرؤيا، وأنّه جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ (البستان) وقفاً على الشريف والشيعة يُدفنون فيه،
فمرض عبدالعظيم ومات رحمه الله، فلمّا جرّد ليغسّل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبدالعظيم بن عبدالله بن عليّ بن الحسن بن زيد ابن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام.
وقال أيضاً الصاحب بن عبّاد في وصف علم عبدالعظيم: إنّه روىٰ أبو تراب الروياني قال: سمعت أبا حمّاد الرازي يقول: دخلت على الإمام عليّ النقيّ عليهالسلام في سرّ من رأىٰ فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني فيها، فلمّا ودّعته قال لي: يا حمّاد، إذا أشكل عليكَ شيء من اُمور دينكَ بناحيتكَ [أي في بلدة الري] فاسأل عنه عبدالعظيم بن عبدالله الحسني وأقرئه منّي السلام.
وقال المحقّق الدّاماد في كتاب الرّواشح: إنّ في فضل زيارة عبدالعظيم روايات متضافرة، ورویٰ أنّ من زار قبره وجبت له الجنّة.وهذا الحديث رواه أيضاً الشهيد الثاني رحمهالله في حواشي الخلاصة عن بعض النسّابين.
وروىٰ ابن بابويه وابن قولويه بسندٍ معتبر عن رجل من أهل الريّ، عن الإمام عليّ النقيّ صلوات الله عليه قال: دخلت عليه فقال: أين كنت؟ قلت: زرت الحسين عليهالسلام، قال: أما لو أنّكَ زرت قبر عبدالعظيم عليهالسلام عندكم لكنت كمن زار الحسين بن عليّ عليهماالسلام.
أقول: لم يذكر العلماء زيارة خاصّة، وإنّما قال فخر المحقّقين جمال الدين في مزاره: إنّ من المناسب أن يزار هكذا:
زيارة حمزة بن الكاظم عليهالسلام
ثم قال المحقّق المذكور: ورد في بعض الأحاديث أنّ عبدالعظيم كان يخرج عند إقامته بالريّ مستتراً يزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق ويقول: هو رجل من ولد موسىٰ بن جعفر عليهماالسلام. ونجد هناكَ في عصرنا قبراً ينسب إلىٰ حمزة بن الإمام موسىٰ عليهالسلام، والظاهر أنّه القبر الذي كان يزوره عبدالعظيم
وينبغي زيارته أيضاً إن شاء الله، ولا بأس بأن يزار بهذه الزيارة إلّا أنّه يحذف منها الجملة السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أبَا القَاسِمِ والجملة التي تليها، انتهىٰ.
زيارة أبي الفتوح و الشيخ الصدوق
لا يخفىٰ عليكَ أنّ قبر الشيخ الجليل السعيد قدوة المفسّرين جمال الدين أبي الفتوح حسين بن علي الخزاعي رحمهالله صاحب التفسير المعروف واقع في صحن حمزة عليهالسلام وينبغي زيارته، والشيخ الصدوق رئيس المحدّثين المعروف بابن بابويه قبره بقرب بلدة شاهزاده عبدالعظيم فلا تغفل عن زيارته أيضاً.
المطلب الثالث: في زيارة قبور المؤمنين رضياللهعنهم أجمعين
ثواب وآداب زيارة قبور المؤمنين
روى الثقة الجليل الشيخ جعفر بن قولويه القمّي عن عمرو بن عثمان الرازي قال: سمعت أبا الحسن الإمام موسى بن جعفر عليهماالسلام يقول: من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا يُكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر علىٰ صِلَتنا فَلْيَصِلْ صالحي موالينا يُكتب له ثواب صلتنا
ورُوِي أيضاً بسند صحيح عن محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري قال: كنت بفيد (وهو اسم منزل في طريق مكّة) فمشيت مع عليّ بن بلال إلىٰ قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: فقال لي عليّ بن بلال: قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا عليهالسلام قال: من أتىٰ قبر أخيه المؤمن، ثم وضع يده على القبر وقرأ: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) سبع مرّات أمِنَ يوم الفزع الأكبر. ومثله حديث آخر ولكن زاد فيه: واستقبل القبلة.
أقول: ظاهر الحديث انّ الضمير في قوله عليهالسلام أمِنَ من الفزع الأكبر راجع إلى القارئ نفسه، ومن المحتمل رجوعه إلىٰ صاحب القبر، ويؤيّد هذا المعنىٰ ما سيأتي من الرواية عن السيّد ابن طاووس.
ورویٰ أيضاً في كامل الزيارة بسند معتبر عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت الصادق عليهالسلام: كيف أضع يدي علىٰ قبور المؤمنين؟ وأشار بيده إلى الأرض فوضعها عليها وهو مستقبل القبلة.
ورویٰ أيضاً بسند صحيح عن عبدالله بن سنان قال: قلت للصادق عليهالسلام: كيف أُسلّم علىٰ أهل القبور؟ قال: نعم، تقول:
التأكيد على الصدقة للاموات، والاعتبار والاتّعاظ بهم
وعن جامع الأخبار عن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم: أهدوا لموتاكم.
فقلنا: يا رسول الله، وما هديّة الأموات؟ قال: الصدقة والدعاء.
وقال صلىاللهعليهوآله: إنّ أرواح المؤمنين تأتي كلّ جمعة إلى السماء الدنيا بحذاء دورهم وبيوتهم ينادي كلّ واحد منهم بصوت حزين باكين: يا أهلي ويا ولدي ويا أبي ويا أُمّي وأقربائي اعطفوا علينا يرحمكم الله بالذي كان في أيدينا والويل والحساب علينا والمنفعة لغيرنا. وينادي كلّ واحد منهم إلىٰ أقربائه: اعطفوا علينا بدرهم أو برغيف أو بكسوة يكسوكم الله من لباس الجنّة. ثم بكى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبكينا معه فلم يستطع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتكلّم من كثرة بكائه، ثم قال صلىاللهعليهوآلهوسلم: اُولئكَ اخوانكم في الدّين فصاروا تراباً رميماً بعد السرور والنعيم، فينادون بالويل والثبور علىٰ أنفسهم يقولون: يا ويلنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا في طاعة الله ورضائه ما كنّا نحتاج اليكم، فيرجعون بحسرة وندامة وينادون: أسرعوا صدقة الأموات.
ورُوِيَ عنه أيضاً قال صلىاللهعليهوآله: ما تصدّقت لميّت فيأخذها ملك في طبق من نور ساطع ضوءُها يبلغ سبع سماوات، ثم يقوم علىٰ شفير الخندق فينادي: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، أهلكم أهدوا اليكم بهذه الهديَّة، فيأخذها ويدخل بها في قبره توسّع عليه مضاجعه.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم: ألا مَنْ اعطف لميّت بصدقة فله عند الله من الأجر مثل اُحد، ويكون يوم القيامة في ظلّ عرش الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّ العرش وحيّ وميّت نجا بهذه الصدقة.
وحكي أنّ والي خراسان شوهد في المنام وهو يقول: ابعثوا إليّ ما تطرحونه إلى الكلاب فإنّي مفتقر إليه.
أخذ العبرة من الأموات
واعلم أنّ لزيارة قبور المؤمنين أجراً جزيلاً وهي علىٰ مالها من جزيل الأجر ذات فوائد وآثار عظيمة، فهي تورث العبرة والانتباه والزهد والإعراض عن الدنيا والرغبة في الآخره، وينبغي زيارة المقابر إذا اشتدّ السرور أو الغمّ،
فالعاقل من اتّخذ المقابر عبرة ينزع بها حلاوة الدنيا من قلبه، ويحوّل شهدها مرّاً في ذائقته، وتفكّر في فناء الدنيا وتقلّب أحواله واستحضر بالبال أنّه هو نفسه سيكون عمّا قريب مثلهم، ويقصر يده عن الصالحات، ويكون عبرة لغيره.
ولقد أجاد الشيخ النظامي في قوله:
زنده دلى در صف افسردگان***رفت به همسایگى مردگان
حرف فنا خواند ز هر لوح پاک***روح بقا جست ز هر روح پاک
کارشناسى پى تفتیش حال***کرد از او بر سر راهى سؤال
کین همه از زنده رمیدن چراست***رخت سوى مرده کشیدن چراست
گفت پلیدان به مغاک اندرند***پاک نهادان تَهِ خاک اندرند
مرده دلانند به روى زمین***بهر چه با مرده شوم همنشین
همدمى مرده دهد مردگى***صحبت افسردهدل افسردگى
زیر گِل آنان که پراکندهاند***گرچه به تَن مرده به دِل زندهاند
مرده دلى بود مرا پیش از این***بسته هر چون و چرا پیش از این
زنده شدم از نظر پاکشان***آب حیات است مرا خاکشان
رُوِيَ أنّه أوْحَى الله تعالَىٰ إلىٰ عيسىٰ عليهالسلام: